السابع: أن يكون الوصف ملائما للمستعار منه حقيقة، ويلائم المستعار له مجازا، وهذه هى المرشحة، فلا يمكن أن يراد بقوله تعالى: رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ (١) حقيقة الربح والتجارة الموجودين فى حقيقة الشراء، بل المراد بهما الربح والتجارة الواقعان فى الاختيار على سبيل المجاز فليتنبه لذلك، ولا يمكن أن يراد فى قوله:
ودونك فاعتجر منه بشطر
حقيقة الاعتجار، وقد اتضح بهذا أن الأوصاف فى قوله: لدى أسد، البيت، كلها يلائم المستعار له، فبعضها يلائم المستعار له حقيقة، ويلائم المستعار منه مجازا، كقوله:
شاكى السلاح، غير أنا نقول: استعماله حقيقة، لأن شاكى السلاح لا يمكن أن يراد به الحيوان المفترس، حتى يكون مجازا، بل هو صفة واقعة على المستعار له فكان حقيقة، وإنما أردنا بملاءمتها للمستعار منه جواز استعمالها فى الحيوان المفترس مجازا، وبعضها يلائم المستعار منه حقيقة، ويلائم المستعار له مجازا، كقوله:" أظفاره لم تقلم" فإن المراد به المستعار له، ولم يقصد حقيقة أظفاره ولا حقيقة القلم، وإنما قصد شجاعته، فهو وصف يلائم الشجاع مجازا، لا يقال: وهو وصف يلائمه أيضا باعتبار الحقيقة؛ لأن للشجاع أظفارا، لأنا نقول: حقيقة تقليم الأظفار لا تقصد فى الشجاعة أصلا، وبهذا صح قولهم: إن" لدى أسد" مرشحة ومجردة؛ لأنها قرنت بما يلائم المستعار منه حقيقة، ويلائم المستعار له مجازا، وبما يلائم المستعار له حقيقة. وإذا تأملت ما ذكرناه، ظهر لك أن كلام المصنف، وغيره - فى هذا الباب - غير محرر، وأن غالب ما أطلقوه يحتاج إلى تقييد، وفى كثير منه
منع، وأما قول الخطيبى: إن" لدى أسد" يلائم المستعار منه فغريب؛ لأن أسدا نفس الاستعارة لا ملائم لها.
التنبيه الثانى: وهو كالفرع عما قبل، قد علم بما ذكرناه: أن التحقيق خلاف ما ذكره المصنف وغيره، من وجوه منها: قوله: إن الاستعارة بهذا الاعتبار ثلاثة أقسام وإنما هى أربعة: مطلقة، ومجردة، ومرشحة، ومرشحة مجردة معا فإن قيل: إذا ثبت أنها تكون مرشحة، وتكون مجردة، ثبت جواز كونها مرشحة مجردة؛ لأن مانعة الخلو لا منع الجمع مطلقا، قلت: الأمر كذلك، ولكن هلا فعل ذلك فى أقسام الاستعارة بحسب