للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه تعسّف، ويخالف تفسير غيره لها بجعل الشئ للشئ، ويقتضى أن يكون الترشيح تخييليّة؛ للزوم مثل ما ذكره فيه.

ــ

الثالث: أنه يلزم أن يكون ترشيح الاستعارة استعارة تخييلية للزوم ما ذكر فيه؛ لأن الترشيح فيه إثبات بعض لوازم المشبه به المختصة به للمشبه، إلا أن التعبير عن المشبه فى" التخييلية" بلفظه الموضوع له، وفى" الترشيح" بغير لفظه، وهذا لا يفيد فرقا، والقول بذلك يقتضى أن يكون الترشيح ضربا من التخييلية، وليس كذلك.

الرابع: ذكره المصنف فى الإيضاح أن إطلاقه أن التخييلية ما استعمل فى صورة متوهمة مشابهة لمحققة (١)، يقتضى أنه لا يشترط فى" التخييلية" اقترانها بالاستعارة بالكناية لأنه أطلق.

ويدل أيضا على إرادته ذلك، أنه قال: حسن التخييلية بحسب حسن المكنى عنها متى كانت تابعة لها كما فى قولك:" فلان بين أنياب المنية ومخالبها" وقلما تحسن الحسن البليغ غير تابعة لها، ولذلك استهجنت فى قول الطائى:

لا تسقنى ماء الملام فإنّنى ... صبّ قد استعذبت ماء بكائى (٢)

وهذا منه يقتضى أن التخييلية قد تكون غير تابعة للمكنية، فإن قيل: لم لا يجوز أن يريد بغير التابعة للمكنية التابعة لغير المكنية قلنا: غير المكنية هى المصرح بها، فتكون التابعة لها ترشيحا للاستعارة، وهى من أحسن البلاغة، فكيف يصح استهجانه؟

ورأى المصنف أن" التخييلية" لا بد أن تكون تابعة للمكنية، وأجاب عن بيت أبى تمام بجواز أن يكون شبه الملام بظرف الشراب، لاشتماله على ما يكرهه الملوم، كما أن الظرف قد يشتمل على ما يكرهه الشارب لبشاعته أو مرارته، فتكون التخييلية تابعة للمكنى عنها، أو بالماء نفسه؛ لأن اللوم قد يسكن حرارة الغرام كما أن الماء يسكن غليل الأوام، فيكون تشبيها على حد قوله:

والرّيح تلعب بالغصون وقد جرى ... ذهب الأصيل على لجين الماء (٣)


(١) الإيضاح بتحقيقى ص: ٢٨٠.
(٢) الطائى هو أبو تمام، وشطر الشعر فى ديوانه ص ١٤، والمصباح ص: ١٤٢، والإيضاح بتحقيقى ص: ٢٨١.
(٣) البيت لأبى خفاجة الأندلسى فى ديوانه ص ١٨، التلخيص ص ٧١ وفيه (والريح تعبث بالغصون)، والإيضاح ص ٢٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>