للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويتصل به أنه إذا قوى الشبه بين الطرفين حتى اتحدا - كالعلم والنور، والشبهة والظلمة - لم يحسن التشبيه، وتعيّنت الاستعارة.

والمكنى عنها - كالحقيقية، والتخييلية - حسنها بحسب حسن المكنى عنها ...

ــ

أن محل حسن التشبيه أعم من محل الاستعارة؛ لأن محل التشبيه على الإطلاق أعم، ومن أسباب حسن الاستعارة أن لا تكون مطلقة بل تكون مرشحة، وإلا فمجردة.

ص: (ويتصل به إلى آخره).

(ش): أى، ويتصل بهذا البحث، أنه إذا قوى الشبه، أى وجه الشبه بين الطرفين حتى اتحدا، يريد" حتى صارا كأنهما شئ واحد"، هذا صواب العبارة، وإن كانت عبارة الإيضاح" حتى صار الفرع كأنه الأصل" وليست بجيدة لأنه يفر من شئ، وهو التشبيه، فيقع فى التعبير به؛ لأنه لا يحسن التشبيه وتتعين الاستعارة، وذلك كتشبيه" العلم"" بالنور" و" الشبهة" بالظلمة؛ فيحسن أن تقول:" فى قلبى نور، وليس فيه ظلمة" ولا يحسن أن تأتى بالتشبيه فتقول:" كأن نورا فى قلبى، وكأنك أوقعتنى فى ظلمة" قيل: إن هذين المثالين غير مطابقين لمقصوده؛ لأن لفظ النور والظلمة فيها استعارة، والمعنى: كأن مثل النور مستقر فى قلبى، وقد يجاب عنه بالمنع، فإن قولك:" كأن نورا فى قلبى"" تشبيه" قطعا لذكر الطرفين، وإنما جاء الالتباس فيه من جهة أنه تشبيه مقلوب، فإن أصله" كأن المستقر فى قلبى نور" فقلب، وقيل: كأن نورا فى قلبى؛ لأن الذى يلى كأن هو المشبه فهذا اعتراض، والقول: بأنه استعارة لا يصح، نعم كان ينبغى أن يمثل بتشبيه لا قلب فيه، لأنا لا نوافقه على أن التشبيه المقلوب دون الاستعارة فى المبالغة، وأما دعوى الاستعارة فى" كأنك أوقعتنى فى ظلمة" ففاسد - أيضا - بل هو تشبيه المعنى" أنت مثل موقع فى ظلمة" والظلمة حقيقة بلا شك، فتمثيل المصنف بها لا غبار عليه قوله: (لا يحسن التشبيه) قريب وقوله: (تتعين الاستعارة) قد يرد عليه أنه تقدم أنه إذا وصل الأمر إلى ذلك يأتى بلفظ التشابه لا التشبيه، وهو مخالف

لقوله هنا:" تعينت الاستعارة" وقد يجاب بأن قوله:" تعينت الاستعارة" إنما قصد به نفى التشبيه لا انحصار التعبير فى الاستعارة، ولذلك قد تحصل المبالغة التى فى الاستعارة، وأكثر منها بقلب التشبيه، كقولك:" الأسد كزيد" ثم لما بين شروط حسن التحقيقية، والتمثيل قال: (والمكنى عنها) أى حسن الاستعارة المكنى عنها بحسب حسن التحقيقية والتمثيل، وحسن الاستعارة التخييلية بحسب حسن المكنى عنها، أما عند المصنف فلأنها لا تكون إلا تبعا لها وأما عند السكاكى فلأنها إن لم تتابعها لم يحسن حسنها تابعة بالاستقراء.

<<  <  ج: ص:  >  >>