للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والآخر فى آخره، سمّى مقلوبا مجنّحا. وإذا ولى أحد المتجانسين (١) الآخر، سمّى مزدوجا ومكرّرا ومردّدا؛ نحو: وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (٢).

ويلحق بالجناس شيئان:

أحدهما: أن يجمع اللفظين الاشتقاق؛ نحو: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ (٣)

ــ

وينبغى أن يقول: أو أول الفقرة ليعم النظم والنثر، إلا أن مثله فى النثر سيأتى فى رد العجز على الصدر. (والآخر فى آخره سمى مقلوبا مجنحا) كقول الشاعر:

لاح أنوار الهدى من ... كفّه فى كلّ حال (٤)

ولقائل أن يقول: إذا سمى هذا مقلوبا مجنحا، فتسميته مقلوبا لكونه جناس قلب، وتسميته مجنحا لكون كلمتى الجناس فيه واقعتين فى جناحى البيت، فلا بدع أن يسمى الجناس التام وغيره من الأقسام السابقة تاما مجنحا، وكذلك الجميع، إلا أن يكونوا لاحظوا مناسبة بين الجناح والقلب لسرعة تقلب الجناح، ثم قال: (وإذا ولى أحد المتجانسين الآخر) أى سواء كانا من جناس القلب أم لا (سمى مزدوجا ومكررا ومرددا، كقوله تعالى: وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ) واعلم أن المصنف أهمل أن يقع الاختلاف فى أمرين من الأمور السابقة. قوله: (ويلحق بالجناس) إشارة إلى ما يلحق بالجناس، وإن لم يكن منه فى الحقيقة، وهو شيئان: أحدهما، أن يجمع اللفظين الاشتقاق - أى الصغير - بأن يتفقا فى ترتيب الحروف والهيئات، مثل:" فرح زيد من المرح" فقد وقع الاختلاف بترتيب الحروف وبالهيئات معا، كقوله تعالى: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ وقوله تعالى: فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ (٥) وقوله صلّى الله عليه وسلّم:" الظلم ظلمات يوم القيامة" (٦) وقول الشافعى رضى الله عنه فى النبيذ: أجمع أهل الحرمين على تحريمه، وقول أبى تمام:

فيا دمع أنجدنى على ساكنى نجد


(١) أى تجانس كان.
(٢) سورة النمل: ٢٢.
(٣) سورة الروم: ٣٠.
(٤) البيت من الرمل، وهو بلا نسبة فى المصباح (ص ٢٠٢)، والطراز (٣/ ٩٥)، والتبيان (ص ٥١٣) برواية لاح أنوار الندى من كفه فى كل حال، وشرح عقود الجمان (٢/ ١٤٥).
(٥) سورة الواقعة: ٨٩.
(٦) أخرجه البخارى فى" المظالم"، باب: الظلم ظلمات يوم القيامة، (٥/ ١٢٠)، (ح ٢٤٤٧)، ومسلم فى البر والصلة، (ح ٢٥٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>