للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أو الثالثة؛ نحو: خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (١). ولا يحسن أن يؤتى بقرينة أقصر منها كثيرا.

والأسجاع مبنيّة على سكون الأعجاز؛ كقولهم: ما أبعد ما فات، وما أقرب ما هو آت.

قيل: ولا يقال: فى القرآن أسجاع، بل يقال: فواصل.

ــ

(أو الثالثة) أى أو طالت قرينته الثالثة على ما قبلها، نحو قوله تعالى: خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ وكلام المصنف يقتضى أن تطويل الثانية على الثالثة حيث لا بد من طول إحداهما، وعكسه سواء، وفيه نظر، لأن إيقاع طويلة بعد قصيرتين متساويتين أولى من الفصل بين المتساويتين بطويلة: ويدخل فى قوله: أو الثالثة استحسان طول الثالثة عن غيرها، فيدخل فى هذا الإطلاق ما ذكرناه من أن الثالثة يستحسن أن تكون أطول من الثانية، وأن تكون الثانية أطول من الأولى، وعلى هذا (ولا يحسن أن يولى قرينة) قرينة (أقصر منها كثيرا) أى لا يحسن أن تأتى قرينة قصيرة بعد قرينة طويلة، لأن السجع إذا استوفى أمده من السابقة لطولها وكانت اللاحقة أقصر بكثير، كان كالشئ المبتور ويصير السامع كمن يريد الانتهاء إلى غاية، فيعثر دونها. هذا الذى ذكرناه هو المشهور، وصرح الخفاجى: بأنه لا يجوز أن تكون الثانية أقصر من الأولى، لكن رأيت فى مختصر الصناعتين للعسكرى أن الأحسن أن تكون الثانية أقصر من الأولى، فلا أدرى أهو غلط من الناسخ أم لا. قوله: (والأسجاع) يشير إلى أن الأسجاع (٢) وينبغى أن يقول:

" القرائن المسجعات" فإن السجع، وهو التواطؤ - كما سبق - لا المتواطئ (مبنية على سكون الأعجاز) أى أصلها أن تكون ساكنة الأعجاز، أى الأواخر، أى موقوفا عليها، لأن الغرض المزاوجة بين كل واحدة وأخرى، وذلك لا يطرد

إلا بالوقف، كقولهم: (ما أبعد ما فات وما أقرب ما هو آت) لأنك لو وصلته لاقتضى حكم الإعراب مخالفة حركة إحداهما للأخرى، فيفوت المقصود من السجع، وإذا كانوا يخرجون الكلم عن أوضاعها للازدواج، كالغدايا والعشايا، فما ظنك بما نحن فيه. قوله: (قيل) هذا هو المشهور أنه (لا يقال: فى قرائن القرآن الكريم أسجاع بل) إنما (يقال: فواصل) أما مناسبة فواصل، فلقوله تعالى:


(١) سورة الحاقة: ٣٠ - ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>