للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنه: أن يكون الثانى أشمل؛ كقول جرير [من الوافر]:

إذا غضبت عليك بنو تميم ... وجدت النّاس كلّهم غضابا

وقول أبى نواس [من السريع]:

وليس على الله بمستنكر ... أن يجمع العالم فى واحد

ومنه: القلب؛ وهو أن يكون معنى الثانى نقيض معنى الأوّل؛ كقول أبى الشّيص [من الكامل]:

أجد الملامة فى هواك لذيذة ... حبّا لذكرك فليلمنى اللّوّم

ــ

فإنه أخذ معنى بيت البحترى ونقله إلى السيف (ومنه) أى من غير الظاهر (أن يكون معنى الثانى أشمل) من الأول (كقول جرير:

إذا غضبت عليك بنو تميم ... وجدت النّاس كلّهم غضابا (١)

وقول أبى نواس:

وليس على الله بمستنكر ... أن يجمع العالم فى واحد) (٢)

فالثانى أشمل، لأن الأول دل على الاختصاص بحالة الغضب كذا قيل، وفيه نظر لأنهم إذا كانوا هم جميع الناس فى حال الغضب، كانوا جميع الناس فى كل حال.

وقيل: لأن الأول خاص ببنى تميم، والثانى شامل لهم ولغيرهم، وهو فاسد، لأن المراد بالواحد فى الثانى واحد معين خاص، والأحسن أن يقال: الثانى شامل، لأن العالم أشمل من الناس، لأنه كل موجود حادث، والذى يظهر أن يقال: الثانى أبلغ، باعتبار أنه صريح فى أن الناس كلهم ذلك الواحد، بخلاف الأول، فإنه لا يلزم من غضب الناس كلهم لغضب بنى تميم، أن يكونوا هم جميع الناس؛ لجواز أن يريد أن الناس تبع لهم، يغضبون لغضبهم، لكن التعبير عن هذا بأنه أشمل فيه تعسف.

ومنه - أيضا - القلب، هو أن يكون المعنى الثانى نقيض المعنى الأول، لقلب المعنى إلى نقيضه، فهو مأخوذ من

نقيضه، كقول أبى الشيص:

أجد الملامة فى هواك لذيذة ... حبا لذكرك فليلمنى اللّوّم (٣)


(١) البيت من الوافر انظر ديوانه ص ٦٢، والإشارات والتنبيهات ص ٣١٣، وشرح عقود الجمان (ص ٢/ ١٨٠).
(٢) البيت من المديد لأبى الشيص، انظر الإشارات والتنبيهات/ ٣١٤، وشرح عقود الجمان (٢/ ١٨٠).
(٣) البيت من الكامل لأبى الشيص انظر شرح عقود الجمان (ص ٢/ ١٨٠)، والإشارات والتنبيهات/ ٣١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>