للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإعمال الفكر فيما ينفع ويقرب إلى الله من أهم المطالب الدينية. وقد مدح الله عباده الذين يذكرونه قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض، قائلين: { ... رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} (١).

ولذلك نجد أن الرسل صلوات الله وسلامه عليهم أعظم عباد الله تفكرا في آيات الله ومخلوقاته، ونبينا - صلى الله عليه وسلم - أكملهم في ذلك حيث كان يتفكر في آيات الله ومخلوقاته.

فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه بات عند النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة، فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - من آخر الليل فخرج فنظر إلى السماء، ثم تلا هذه الآية في سورة آل عمران قال تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (١٩٠) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} (٢)، ثم رجع إلى البيت فتسوك وتوضأ، ثم قام فصلى، ثم اضطجع، ثم قام فخرج فنظر إلى السماء فتلا هذه الآية، ثم رجع فتسوك فتوضأ ثم قام فصلى" (٣).

قال النووي (٤)

- رحمه الله -: " فيه أنه يستحب قراءتها عند الاستيقاظ في الليل مع


(١) آل عمران: ١٩١.
(٢) آل عمران: ١٩٠ - ١٩١.
(٣) صحيح مسلم، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، المكتبة الإسلامية، استانبول، ط ١: كتاب الطهارة، باب السواك: ١/ ٢٢١ برقم (٢٥٦).
(٤) هو أبو زكريا يحيى بن شرف مُري بن حسن بن حسين الحزامي النووي، أحد أعلام الشافعية، من مؤلفاته: المجموع شرح المهذب، شرح صحيح مسلم، رياض الصالحين، توفي عام ٦٧٦.

انظر: تذكرة الحفاظ للذهبي: ٤/ ١٤٧٠، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي، تحقيق: عبد الفتاح الحلو ومحمود الطناحي، دار هجر، القاهرة، ط ٢: ٨/ ٣٩٥.

<<  <   >  >>