للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على ناصيتها, القادرين على البحث والتحقيق العلميّ, فعهدت إلى جمهرة منهم بهذا العمل الجليل, فحرروا الكتب المؤلفة أوالمترجمة في الطب والرياضة وغيرها من مختلف العلوم والفنون.

وكثيرًا ما كان يقوم بهذا العمل رفاعة بك رافع, أو بعض تلامذة مدرسة الألسن الأزهريين, الذين قامت عليهم هذه المدرسة, فيكون المحرر على درايةٍ بمعاني الألفاظ في اللغة الأصلية, ويضع لها ما يلائمها من الألفاظ العربية.

فإذا انتهى المحرر من ذلك "بَيَّضَ" الكتاب وأنهاه إلى المصحيين لقراءة المسودات وتنقيحها قبل طبعها.

وكثيرًا ما كان يتولى العملين معًا -التحرير والتصحيح- بعض الأزهرين الذين لهم براعة في الإلمام باللغة العربية وأسرارها.

ولا ينبغي أن نستهين بما لهؤلاء المحررين من نصيبٍ في هذه النهضة, فقد أظهروا هذه الثروة الضخمة الناشئة عن وضع مصطلحات عربيةٍ مناسبةٍ للمصطلحات الأجنبية, وزاد ذلك في ألفاظ اللغة العربية, وأعانها على تأدية رسالتها, وكثيرًا ما يتطلب هذا التحرير ممن يقومون به تقليبًا في كتب اللغة العربية ومراجعةً للكتب الفنية القديمة؛ كمفردات ابن البيطار؛ لاستخراج المصطلحات العلمية, أو للاستعانة بها على صوغ ما تتأدى به مطالب العلم الحديث.

إذًا لم ينهض القديم بأدائه حتى أصبح للطب في خمس سنين قاموس تزيد كلماته على ستة آلاف كلمة, وكم بذل علماء الأزهر في هذه السبيل من جهد, وكان لهم في النهوض بهذا العبء ما يذكرهم لهم بالحمد والتقدير, وسنتحدث عن أشهر المحررين من علماء الأزهر في صدر النهضة؛ لنرى إلى أيِّ حدٍّ كان جهدهم, وأثرهم, ولنقف على حياتهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>