[طريقة التعليم بالأزهر]
بدأ نظام التعليم بالأزهر على الوضع القديم الذي كان متبعًا في مصر والعواصم الإسلامية, ونعني به: نظام الحلقات ومجالس الدروس الخاصة, وقد اشتهر هذا النظام بمصر في القرن الثاني للهجرة.
كان لكل مذهبٍ من المذاهب الأربعة عُمُدٌ خاصَّةٌ داخل الأزهر, مقصورة عليهم, يجلس الشيخ في ظلال هذه العمد, ويلتف الطلاب حوله حلقًا, وكان الشيخ الذين يدرس ملمًّا بشتى العلوم, فيحدث في نواحٍ من العلم مختلفة, ويستطرد في فنونٍ متنوعة كلما سنحت الفرصة.
وكانت الطريقة المتبعة في تلقين الدروس هي الطريقة الإملائية, ولبث الحال على ذلك إلى أن كثر التدوين والتأليف, فشرعوا في دراسة الكتب, وتفهم أغراضها, وقد بالغوا في ذلك مبالغةً نجم عنها وضع شروح للمتون, وحواشٍ لهذه الشروح, وتقريرات لتلك الحواشي.
وكان كثير من الطلبة المجدين يطالعون الدروس قبل أن يغشوا حلقاتها, وكثيرًا ما كان يقوم النجباء من الطلبة بالتدريس لزملائهم, أو المتأخرين عنهم بقليل.
ولم تكن الدراسة دراسة موضوعات محددة في مناهج معروفة, بل كانت دراسة كتب لمدة دراسية غير محددة.
وكان جلُّ الاعتماد على المدرس لا على المنهج, أو طريقة البحث, فأساس التعليم: "الشيخ أو الكتاب".
ولم تكن على الطلبة رقابة في غيابهم, أو حضورهم, وفي جدهم أو فتورهم, فليس أمامهم امتحانٌ يميز الخبيث من الطيب, ولكن يلتمس الطالب من شيخه "إجازةً" تتضمن الشهادة له بالمهارة في العلوم, والأهلية للتدريس والإفتاء. على أنهم كانوا مقبلين على العلم مشوقين إليه, يجدون من نفوسهم دافعًا إلى المحافظة على الدروس والإقبال عليها, بل كان إقبالهم بالوازع أشد من إقبال المعاصرين بالرادع.
ولم يكن الشيخ لينسى أن يوصي تلميذه في "إجازته" بالتقوى, والتحري في الأحكام.
ولما استحدثت الشهادة الرسمية, لم تكن لتخلو من الدعاء لحاملها بالتوفيق في خدمة العلم والدين.
وهذه الحرية التي تتسم بها طريقة الأزهر في التعليم والبحث, وخاصَّةً فيما