[كلمة عامة في فضل الأزهر]
[مدخل]
...
كلمة عامَّة في فضل الأزهر:
كلمة تسمعها الآذان فنلتفت إلى حقبةٍ طويلة من الزمان, ظلّ الأزهر خلالها حصن الدين الحصين, وركن العلم المتين, وملاذ اللغة والأدب والثقافة جميعًا.
عشرة قرون وتزيد, كان الأزهر خلالها المعقل الوحيد الذي ثبت لحملات الغير, فانتهت إليه شريعة -محمد صلى الله عليه وسلم, واستأمنت إليه آداب العرب, واستعصمت فيه لغة القرآن.
كان الأزهر ولا يزال سُنَّةً واضحةً لهدي الدين, استقام الناس به هذه القرون على عمود واحد, ولبث في هذه المدة على طولها شامخًا كالبنيان الراسخ, لم تطامن من عظمته الأحداث والمحن, ولم تنهته من قوته الخطوب والفتن.
الأزهر - هذه هي الكلمة التي لا يقابلها في خيال الأمة المصرية إلّا كلمة الهرم, أجل: لقد مضى الأزهر على وجه التاريخ قويًّا جبارًا يحطم العقبات من سبيله, ويحمل الرسالة غير حافلٍ بالسدود, فهذا هو دين الله, نشره علماؤه, ونصره أبناؤه, وانبثق فيهم نوره, وشع منهم ضياؤه, لم يقصروا الدعوة على خلق الدروس في معهدهم, ولم يقفوها على مصر مهدهم, بل نفر من كل فرقة منهم طائفة غشت أرجاء العالم, واقتحمت على الفرنجة بلادهم, وغزوا المهاجمين للإسلام, فتبددت أمامهم شبه الملحدين، وذاب زيف المضللين والمبشرين.
علماء الأزهر هم حملة هذا المشعل, يهدون ضالًّا, ويرشدون غاويًا, ويهذبون عاصيًا, ولقد آزروا الدين مرةً بالخلق, وأخرى بالهداية, فما اهتزت المنابر بالدعوة لدين الله, ورعاية الفضيلة, وحماية الأخلاق, إلّا كانوا هم اللسن والدعاة والمرشدين والهداة، أو ليس أئمة المساجد وخطباؤها والواعظون بمصر والمرشدون فيها, ممن تخرج في الأزهر؟ وخلع عليهم من علمه وبيانه، وهديه وإيمانه؟