ولد رحمه الله في القاهرة يوم الخميس غرة شعبان سنة ١٢٦٥هـ، من أبوين ألباني الأصل، فقد وفد إلى مصر من "ألبانيا" جده لأبيه المرحوم "سلمان أفندي أغا" في عهد "محمد علي باشا"، ووظف بجنده، وكان ابنه "حسين أفندي" قد اتصل بأسرة من جنسه بقرية "جنبواي" من أعمال مركز "إيتاي البارود" بمديرية "البحيرة"، فأصهر إليها ولبث بهذه القرية على هوى منه، وزهد في وظيفته بما اشتراه من عقار في هذه الجهة، وقد رزق عدة بنين كان المرحوم الشيخ "عبد الكريم" ثانيهم سنا، وقد أصيب الشيخ "عبد الكريم" بالجدرى، وهو طفل، فكاد يذهب ببصره لولا أن القدر هيأ له أخاه في الطفولة، فبينما كان يعلبان على سطح الدار إذا بأخيه يقذف به، فيهبط من حالق وتشج جبهته وحاجبه، ويتدفق منها دم غزير انكشفت به غشاوة عن إحدى عينيه، فأبصر بها.
وقد حال ضعف بصره دون إلحاقه بالمدارس، فالتحق بكتاب القرية، وتعلم مبادئ القراءة والكتابة، وأتم القرآن به ثم أشرب حب الأزهر، وتملكه هواه فتسلل خفية إليه، وقد التقى في طريقه إلى الأزهر برجل من قريته، فسأله الرجل عن مقصده فعي جوابه، وإذ ذاك عاد ب الرجل إلى القرية وأسلمه لوالده، ولم يشأ والده أن يصرفه عن حبه الأزهر، فأوفده إليه في سنة ١٢٨٨هـ، فانكب على العلم وطالعه برغبته وشوق، وكان معروفا بالذكاء والتفوق على الأقران، وجمعته صداقة الصبا بجمهرة من نابغي الأزهر كالطلاب "سعد زغلول"، و"محمد عبده"، و"إبراهيم الهلباوي"، وغيرهم.