للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السيد علي أبو النصر المنفلوطي:

المتوفى سنة ١٢٩٨هـ-١٨٨٠م

نشأته وحياته:

ولد بمنفلوط من أعمال مديرية أسيوط، وقدم إلى القاهرة صبيًّا، ثم التحق بالأزهر بطلب العلم فيه، وقد شب مفطورًا على حب الأدب والتزود من فنونه، فبرع في قرض الشعر يافعا، ونظم الأزجال حدثا، ولم يلبث أن ذاع صيته وتسامع الناس به، وكان طيب المفاكهة والمجالسة لطيف المسامرة والمؤانسة، حاضر الذهن قوي الجدل لا يغلب في حوار، ولا ينهزم في مناظرة وكانت له مطايبات حافلة بالنكت الأدبية مع الحشمة، والحذر بما تأباه النفوس الأبية١، فكانت له مكانة عند أولي الأمر، وذوي الجاه يجلون قدره، ويلبون شفاعته، اتصل بالبيت العلوي من عهد محمد علي إلى توفيق، ورحل إلى القسطنطينية رحلتين أولاهما في عهد "محمد علي" سنة ١٢٦٢هـ، حيث احتفل السلطان عبد المجيد بإعذار٢ أنجاله، وطلب من محمد علي أن يوفد للحفل وفدا من العلماء والأمراء، فكان الشاعر في طليعة الذين أوفدهم "محمد علي" إلى القسطنطينية، وقد مدح شيخ الإسلام بقصيدة استجادها إذ قدمها إليه، وبكى متأثرا ببعض أبياتها، ثم سأله هل قلت في القسطنطينية شيئا؟ فأجابه بأن له "بيتين يستحي أن يعرضهما "لكونهما من زيف الكلام فقال: نسمعهما إن شئت فقال:

وكنا نرى مصر السعيدة جنة ... ونحسبها دون البلاد هي العليا

فلما رأت دار الخلافة عيننا ... علمنا يقينا أنها لهى الدنيا

فتبسم شيخ الإسلام، وقال له: "إن البيتين جيدان من جهة الأدب،


١ مقدمة الديوان للمحروم "أحمد باشا خيري".
٢ أعذر الغلام ختنه كعذره يعذره: وللقوم عمل طعام الختان.

<<  <  ج: ص:  >  >>