"السيد مصطفى المنفلوطي" بن "محمد المنفلوطي"، ولد في سنة "١٨٧٦م" بمدينة "منفلوط" واليها ينتسب، وقد انحدر من أسرة عريقة، عرفت بالوجاهة والحسب، وتوارثت القضاء الشرعي، ونقابة الصوفية زهاء مائتي عام، وأما أبوه فعربي واضح النسب يمتد إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما، وأما أمه فهي وثيقة القرابة بأسرة "الجوربجي" التركية الضاربة في الشرف والمجد.
حفظ القرآن بالمكتب، ثم اتجه إلى الأزهر فتلقى علومه به، وكان معروفا بين أقرانه بحدة الذكاء، وسلامة الذوق وصفاء الفكر، وقد نزع إلى طريقة ارتضاها لنفسه غير الطريقة التي درج عليها أبناء الأزهر، فكان يطالع الدروس على طريقة يخلص منها إلى تحرير الفكرة وتحديد الجوهر، غير مبال بما يعترضه من جدل ونزاع لفظي، وأكب في صباه على كتب الأدب يغذي هواه ويروي فطرته، فقد نشأ شغوفا بالأدب مفطورًا على التقليب في آثاره، والتروي من روائعه ومحاسنه ودرس فيما درس طائفة من كتب الطبيعة والحكمة والأخلاق، وأقبل على الأشعار يحفظها، والشوارد بتصيدها، ونظم الشعر وحرر الرسائل، وذاع صيته بين الناس وبين الأزهريين خاصة، فقربه الإمام المرحوم "الشيخ محمد عبده"، ووجد في ظلال الإمام التوجيه النافع والهدى الموفق، وما لبث "المنفلوطي" أن اتسع له صدر الإمام، فلازمه وصاحبه وتردد على درسه، وتمشى منزله، ودامت هذه الصلة الوثيقة عشر سنين، كانت "المنفلوطي" غذاء لروحه وتوجيها لفكرة، وتعبيدا لطريق حياته، وأثمرت صلته بالإمام معرفته بالمرحوم "سعد باشا زغلول"، فهش له وقدر مواهبه، وتفطن لما شب عليه من صفاء القريحة، وسلاسة الأسلوب