للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقربه ورعاه.

وقد بلغ من حب "المنفلوطي"، للإمام وتعلقه به أنه انتبذ مكانا قصيا إلى أهله "بمنفلوط"، حين استأثر الله بالإمام، وأظلمت الدنيا في محياه، وابتأس حين أوحشت حياته من لقائه.

ثم بدد عزلته النائية التي بكى فيها أستاذه، وموجهه "الشيخ محمد عبده"، فراسل "المؤيد" برسائله الممتعة التي طالما أتلع الناس إليها أعناقهم واستشرفوا للقائها، وتزاحموا على ورودها.

وقد كانت ترد إليه رسائل من أقاصي البلدان تسأله أن يعالج موضوعا، أو يجلي حادثا، أو يعلق على أمر ذي بال، والناس لمطلعها مشوقون.

وقد تأثر "المنفلوطي" بالشيخ "محمد عبده" فطبع بطابعه، ونهل من شعوره، وانصرف منصرفه في معالجة الشئون، وتناول الإصلاح الوطني، والخلقي والاجتماعي.

ويتجلى تأثره به في الحملة التي شن غارتها على المفاسد التي دخلت على الإسلام، وفي دعوته إلى الإصلاح، تلك الدعوة التي اصطبغت بالصبغة التي نجدها في كثير من كتابات الشيخ "محمد عبده"١.

وقد نسب إليه في أثناء طلبه العلم بالأزهر أنه هجا الخديو السابق بقصيدة نشرتها إحدى الصحف الأسبوعية، فحكم عليه بالسجن، وقضى به مدة عقوبته ثم شفع له بعض المقربين لدى الخديو فعفا عنه، ويرى بعض الأدباء أن القصيدة من عمل غيره، ونسبت له.

ولما ولي "سعد زغلول باشا" نظارة المعارف عينه محررا عربيا لها، فأصلح من أسلوب الكتابة بها، وأشرف على لغة الكتبة، وتعهدهم بالرعاية، والإرشاد حتى إذا ما حول "سعد" إلى نظارة الحقانية استصحبه معه لمثل


١ الإسلام والتجديد ص٢٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>