لشعر الأزهريين طابع يسوده، وصبغة تتمثل فيه، تطالع من يبحث في دواوينهم، ويمعن النظر في شعرهم.
ولما كانت الحياة العلمية هي التي شغلتهم، واستنفدت جهدهم رأيناهم قد تأثروا بالعلم في أسلوبه وتعبيره، ونضجت أقلامهم بهذه النزعة العلمية، واستعملوا ألفاظها في تصوير خيالهم الشعري، كل حسب ما تأثر به من نحو أو صرف أو بيان، أو منطق أو فلسفة أو فقه، أو غير ذلك مما شغلوا به متفاوتين في هذا التأثر.
وكان ظهور هذه الأساليب، والمصطلحات العلمية في شعرهم طبعيا؛ لأنها ملكت عليهم قواهم، وكانت حديث ألسنتهم، ومجال دراستهم وأداة ثقافتهم، فلم يكن من المستطاع لهم أن يتخلوا عنها مهما جهدوا، ولا أن يتحرروا منها التحرر كله مهما حاولوا ذلك.
شاعت الألفاظ العلمية في شعرهم، وظهرت في قصائد هو فذهبت بغير قليل من جمال الشعر وبهائه، وروعته وروائه، فإن الألفاظ العلمية جافة غليظة لا تعطيك من الروعة والأخذ، وحسن الموقع ما تجده من الألفاظ الشعرية الرقيقة العذبة، وقد يكون لنضوب معينهم الشعري، وجدب خيالهم وافتقارهم من المعاني ما دفعهم إلى التحلي بهذه الألفاظ بجانب تأثرهم بها ظنا منهم أن في تناولها دليلا على قدرتهم وتمهرهم، على أن هذه النزعة سرت إليهم من شعراء المماليك، فقد كانوا مغرقين في إدخال المصطلحات العلمية في شعرهم.
هذا وقد حرر "ابن خلدون" في ذلك بحثا ممتعا ذهب فيه إلى أن "الفقهاء، وأهل العلوم قاصرون في البلاغة، وما ذلك إلا لما يسبق إلى محفوظهم، ويمتلئ به من القوانين العلمية، والعبارات الفقهية الخارجة عن أسلوب البلاغة