هو، "السيد علي الدرويش" بن "حسن" بن "إبراهيم الأنكوري"، ولد بالقاهرة في غرة شهر المحرم سنة ١٢١١هـ، ولما شب ألحق بالأزهر، فتلقى علومه على جلة من شيوخه، وكان منذ صباه ميالا إلى الأدب وفنونه، فأقبل على كتبه يغذي ملكته بقراءتها ويرتوي من محاسنها، ويستظهر ما يستطيبه منها، وقلب في كتب اللغة فعرف أسرارها، ووقف على مكنونها، وكان هواه إلى الهندسة والحساب أيضا فأجال فيهما نظره، ثم تفرغ للكتابة وقرض الشعر، وحرر الرسائل ونظم جمهرة من الأصوات "أدوار الغناء"، واشتهر بصناعة المواليا والموشحات، وتهيأت له بأدبه وشهرته منزلة رفيعة لدى الوجوه، وأمراء العصر حتى أصبح شاعر المرحوم "عباس الأولى".
وكان غنيا بماله وعقاره عن التكسب بشعره معروفا بميله إلى اللهو، والطرب غزير المدح لمن يحبه لاذع الهجاء لمن يبغضه، ولعله امتاز بهذين من الشعراء الأزهريين الذين لم يكونوا في ذلك مسرفين، كما كان حاضر البديهة عذب المفاكهة، حلو المنادرة، كانت وفاته في السابع والعشرين من ذي القعدة سنة سبعين ومائتين وألف من الهجرة.
شعره:
عصر الدرويش عصر صناعة وزخرف وطلاء، وتعمل وكلف بالبديع وإغراق فيه على تفاوت الشعراء في ذلك، ولو أن الدرويش اقتصر في شعره على الحظ الذي تناوله المعاصرون له من الصناعة، والمحسنات لكان من أجودهم شعرًا إلا أنه أغرق في البديع، وكلف بالزخرف يحشده حشدا، ويشده شدا،