للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويسرف فيه إسرافا، ويتصيده بسهولة ويرتقبه رضيه الذوق أو أباه، وبذلك استغلق شعره، والتوى قصده، وانحط نسجه، وضت معانيه فيما أغرى به من صنعة، وما سهر عليه من زينة.

فمن جناسه الذي يستعمله في شعره قوله:

أيام أفراح هي الحسن ... صدق اليمين بأنها يمن

فالجناس بين اليمين واليمن، وهو متكلف إلا أنه غير موغل في الثقل.

وقوله:

كالروض مختلف الثمار مهذبا ... أفنانه من عنده فن

فالجناس بين أفنان جمع فنن "وفن".

وقوله:

أملي وعلم مآله أعياني ... أو لم تكن منقولة أعياني

فالجناس بين أملي ومآله، وبين "أعياني" بمعنى أثقلني و"أعيان" المضافة إلى ياء المتكلم جمع عين.

وقوله:

صفو الليالي أحسنا ... يمن تراهم أحسنا

فالجناس بين أحسن ضد أساء وأحسن وصفا من الحسن.

هذه الجناسات ليس فيها ما واتاه عفوا، أو انساق إليه دون استكراه بل احتفل الشاعر بها، فشدها شدا أضاع المعنى الشعري، وجرد الشعر من الجمال والروعة.

ومما أسرف فيه من الجناس، وكان غاية في الثقل والتعمل والنبو والقلق قوله:

جسمي لعري غدا بالبرد مكتسيا ... ليلا وشمس نهاري بردي الثاني

بردان لا نفع "للبردان عندهما ... وجبة البرد تكو كل عريان

أخاف أطلب بردا أستغيث به ... يرده بردا بالغيث حرماني

<<  <  ج: ص:  >  >>