بَيَّنَّا فيما سقناه من بحثٍ ودراسةٍ أثر الأزهريين في نهضة الصحف في العصر الحاضر, وما أدوه لها من خدمات أجدت على الأدب واللغة والاجتماع, وأثرت في النشاط الفكريّ تأثيرًا ملموسًا.
ولا يزال كثير من الصحف والمجلات العربية في مصر تقوم على سواعد الأزهريين, وتزخر بأفكارهم, وتشرق بآدابهم, ومن هؤلاء: الشيخ علي الغاياتي, الذي جاهد منذ قديمٍ مع الحزب الوطني, وكان في هذه الفترة قد أخرج ديوانًا من الشعر سماه:"وطنيتي" سجَّل فيه حوادث مصر في عامين, وكتب مقدمته المرحومان: محمد بك فريد، والشيخ عبد العزيز جاويش, وكان في الديوان قصيدة قاسية موجهة إلى الشيخ علي يوسف وجريدته "المؤيد", فنشر صاحب "المؤيد" في جريدته عدة أنهر عن هذا الديوان, وكان فيما نشره دعوة خفية يثير بها النيابة على الشيخ الغاياتي, ومن قدّم ديوانه١.
فلبَّت النيابة هذه الدعوة, وتولت التحقيق مع ناظم الديوان ومقدميه, وحكم على الشاعر بالسجن إلّا أن الشيخ الغاياتي هرب من سجنه إلى الأستانة, ومنها إلى جنيف؛ حيث قضى بها سبعةً وعشرين عامًا, أصدر فيها صحيفة عربيَّةً فرنسيةً, في سنة ١٩٢٢, سماها بالعربية:"منبر الشرق" وقد ختمت حياتها في جنيف بعد أن اقتصرت على الفرنسية في سنة ١٩٣٧م, وعادت تصدر في القاهرة في سنة ١٩٣٨م, مستقلة الهوى والرأي, وفيها طرف من الأدب والسياسة والعلم والاجتماع.