قوى الارتباط بعيد الانحطاط، متزايد متصاعد، عتيد أكيد، لا يطمع واش في نثر عقده، ولا يوجب طول التباعد تناسى عهده، كيف وأنت الجليل الذي عليه المعول، والحبيب الذي آخر شوقي إليه أول، لي بلقياك أنس وارتياح، وبدارك غدو ورواح، ومبيت ومقيل، في ظل عيش ظليل قوبل بإجلال، وعومل بإفضال:
وقيل له أهلا وسهلا ومرحبا ... فهذا مكان صالح ومقيل
يجد منك القاصد إليك، والمستقر لديك، ما تقر به عينه، ويستقر أينه من نفيس كتاب، ولذيذ خطاب، وجليس أنيس، ونديم نفيس.
مجلس تكثر الفوائد فيه ... وتسر العيون والأسماع
وكتب لعالم نحوي
"يقبل الأرض إجلالًا ويشرح ما ... يحس من حرق الأشواق والقلق
ويشتكي بعض ما يلقى وأعجب ما ... رأيت أن تخمد النيران بالورق
ويبدي غراما تحرك سواكنه عوامل الاشتياق، وحبا أضرمت ناره في الضمير فكاد يشعله الاحتراق، وينعت ودا ممتزجا بتوابع الثناء والمدح، ويرفع أدعية صارت بها الأكف مبنية على الفتح، ويصف أشواقا سكنت في صميم الضمير، وسلم جمعها من التكسير، بعد دعاء إذا قصد باب القبول قيل: ادخلوها بسلام، وسلام أعطر من حديث النسيم بأخبار زهر الكمام، وينهى بعد بث أشواق أصبحت بها الدموع في محاجر العين معثرة، ولو لم يقرأ إنسانها بمرسلات الدمع لقلقت في حقه قتل الإنسان ما أكفره.
إنه إن تفضل المولى بالسؤال عن حال هذا العبد المخلص، والمحب المتخصص، فهو باق على ما تشهد به الذات العلية، من صدق المحبة ورق العبودية، ويخبركم بكذا وكذا ... إلخ".