للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحات مصر، وقد طُبِعَت هذه الرحلة سنة "١٨٥١م" في باريس, مع ترجمة فرنسية وعلق عليها "سديليو" بمقالة في المجلة الأسيوية, وفي الخطط التوفيقية قطعة منها في وصف الواحات, نقتطف منها طرفًا لنقف على أسلوبه, قال:

"ثم جيء بالمطيّ فحملتنا وخرجنا في مهمة حتى وصلنا إلى الخارجة في عشية اليوم الخامس, فوجدناها قد دار بها النخيل دورة الخلخال بالساق, والتفاف يد العاشق على معطاف المشعوق للعناق, وفيها من الثمر ما تشتيه الأنفس وتلذ الأعين, مع رخص الأسعار وحسن تلك الثمار.... ثم سافرنا يومين ونزلنا في ثالثهما بلدًا يقال له: "بولاق" هو من الساكن في أملاق, قد درست معالم أكثرها, وتصدع بناء أقومها وأشهرها, ومن العجائب أن نخلها في غاية القصر, وهو حامل للثمر, لا يتكلف جانيه للقيام, بل يتناول منه وهو في حالة النيام, وليس به من الشجر إلّا ما قلّ, وهو بعض أثلٍ وعبل٢.

ومما يذكر التونسي في رحلة أنه قد ورد على أبيه بمصر من أخيه لابيه, بسنار خاطب يفيد أن والده توفي وترك طائفة من الكتب سُرِقَت, وبقي بعد مدة في عسر وضيق يد, ثم يقول التونسي:

"وتركني ابن سبع قد ختمت القرآن أول مرة, ووصلت في العود إلى آخر آل عمران، وكان لي أخٌ ابن أربع سنين, وترك لنا نفقة ستة أشهر, فمكثنا سنةً باعت والدتي فيها أشياء كثيرة من نحاس وحليّ, ثم يقول: وبينما أنا متحيِّرٌ في طلب المعاش؛ إذ بلغني أن قافلةً وردت من دارفور, وكان قد بلغنا قبل ذلك أن والدي توجه من سنار إليها في صحبة أخيه، فتوجهت إليها لأسأل عن أبي, فلقيت رجلًا من أهل القافلة, مُسِنًّا ذا هيبة ووقار, يسمى: "السيد أحمد البدوي" فقبلت يده, ووقفت أمامه، فقال لي: ما تريد؟ فقلت أسأل عن غائب


١ - الأثل: شجر واحدته أثلة, جمعه أثلاث وأثول.
العبل: محركة الطرفاء وشبهه.

<<  <  ج: ص:  >  >>