للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحررين من علماء الأزهر, وأن ممن مهر من هؤلاء التونسي, ومحمد عمران الهراوي١.

ومما يذكر له بالفضل أنه هو الذي وضع نواة التحرير في النهضة الحديثة, فقد حَرَّرَ أول كتاب مترجم في الطب, في صدر هذه النهضة, وهو كتاب "القول الصريح في علم التشريح" الذي ألفه "كلوت بك"، وترجمه "يوحنا عنحوري" وقد طبع هذا الكتاب سنة ١٢٤٨هـ.

كما حَرّرَ كتاب "العجالة الطبية فيما لابد منه لحكماء الجهادية" ألفه: "كلوت بك" وترجمه "أوغسطين سكاكيني" وطبع في مطبعة أبي زعبل سنة ١٢٤٨هـ, وهو الكتاب الثاني من مطبوعاتها, على أن "الهواري" حرر كثيرًا مما ترجمه "يوحنا عنحوري" والمدرسة لا تزال في أبي زعبل, وقد ظلَّ في عمله حتى بعد انتقالها إلى القصر العيني.

الأزهر والتصحيح:

لما أنشأ محمد على المدارس التي تدرس بها العلوم الحديثة؛ كمدارس الطب, والهندسة, والألسن, والزراعة, كانت اللغة الأجنبية لغة الدارسة, وكان يقوم على ترجمتها للتلامذة فريق ممن يجيدون الترجمة بهذه المدارس، وبقلم الترجمة الخاص بذلك, ثم تُعَرَّبُ هذه الدروس, ويتولى المحررون وضع مصطلحاتها بعد البحث عنها في معاجم اللغة, ثم تنتهي إلى المصححين الذين يقومون على إصلاح هذه الدروس المعربة وتنقيها من الخطأ من الوجهة اللغوية والبيانية.

ولم يجد محمد علي إلّا أزهريين يقومون بهذا العمل الجليل الذي كان له أثر عظيم في نشر الكتب القيمة المحدثة, وإخراجها صحيحة بعد الاعتلال, مستقمية بعد اعوجاج، ولولا العناية التي بذلها المصححون, والجهد الذي تفرغوا له, لبقيت هذه الكتب يتداول الناس أخطاءها, ويتناقلون فسادها, ولكنهم أذهبوا في تهذيبها سواد العيون, فخرجت في ثوبٍ قشيبٍ, وسَهُلَ الانتفاع بما فيها من كنوز.


١ عصر محمد علي ص٨٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>