للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لخلل في عمل, أو سوء تصرف في أمر ما, فلها الحق أن تكتب بوساطة نظارة الداخلية إلى النظارة, أو الإدارة التي يختص بها ذلك العمل, تسأل عن الحقيقة١ فإن تبين بعد البحث كذب الصحيفة فيما نشرته كُلِّفَ صاحبها بإثبات ما ذكره, وإلّا أنذر مرةً أو مرتين, وعطلت الصحيفة في الثالثة جزاءً له.

ذلك هو النفوذ العريض, وتلك هي الرقابة الموغلة, والإشراف النافذ, كفل ذلك كله إدارة المطبوعات التي هي من وضع الإمام, ومن رأيه وتفكيره.

وكان من أثر النفوذ الشامل أن بذل الموظفون عنايةً وجهدًا فيما يكتبونه؛ لأن الرقابة كانت تمتد إليهم؛ ولأن النقد كان يصدر عن قلم رئيس التحرير, وهو في الواقع ترجمان الحكومة المعبِّر عن آرائها, فأدّى هذا إلى الإصلاح في أعمال المصالح المختلفة شيئًا فشيئًا٢.

بدأ الشيخ محمد عبده بسلطانه الجديد يمد إصلاحه إلى مختلف الإدارات والنظارات, فهاجم طريقة التحرير التي كانت متبعة فيها, وبين عيوبها, وأظهر نقصها, ورسم الطريقة المثلى التي ينبغي أن يجري الكاتبون على نسقها، فلم تمض أشهر قليلة حتى ظهر فضل ذوي الإلمام باللغة العربية من موظفي الحكومة, وحضهم ورؤساؤهم على مكاتبة الجريدة الرسمية سترًا لعيوب الإدارات٣.

وكان من أثر ذلك أن تسابق الكاتبون الموظفون وتباروا في تجديد الكتابة وتنقيتها من الخطأ, ومسايرتها النهج الجديد, وخجل الجاهلون باللغة العربية من جهلهم بها, وشعروا بنقصٍ بادورا إلى تلافيه, واضطروا إلى استدعاء المعلمين, والمبادرة إلى المدارس الليلية؛ ليتعلموا فيها كيفية التحرير, وعَمَّ ذلك المديريات, كما عَمَّ النظارات٤.


١ تاريخ الإمام ج١ ص١٧٧.
٢ الإسلام والتجديد ص٤٥.
٣ تاريخ الإمام ج١ ص١٧٧.
٤ المصدر نفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>