لتكون ملحقًا للأزهر, وكمل بناؤها سنة "٧٠٩هـ" وقرر بها درسًا للشافعية.
تلك هي بعض آيات العناية والاهتمام ومظاهر التعمير والإنشاء في الأزهر في هذه الفترة المترامية من الزمان. إلّا أن أعظم عمارةٍ أحدثت به, هي التي قام بها الأمير عبد الرحمن كتخدا القازدغلي- في أواخر القرن الثاني عشر الهجريِّ؛ إذ أنه أنشأ بهوًا فسيحًا يشتمل على خمسين عمودًا من "الرخام" تحمل مثلها من الأقواس المقوصرة١ في الناحية الشرقية من الجامع, كما أنشأ به منبرًا ومحرابًا جديدين, وأقام في أعلاه مكتبًا قائمًا على عُمُدٍ من الرخام, يتعلم به يتامى الأطفال المسلمين القرآن, وجدد المدرسة الطيبرسية، وأنشأ رحبةً فسيحةً شيد فيها قبره الذي عقدت قبة عليه, كما أقام بالجامع منارتين جديدتين, وأنشأ بالباب الذي ينتهي إليهن شارع الأزهر، وهو بابٌ سامقٌ عظيمٌ, نًقِشَ على صفحته الخارجية أبياتٌ مموهة بالذهب, مشتملة على تاريخ بنائه وهي:
إن للعلم "أزهرًا" يتسامى ... كسماء ما طاولتها سماء
حيث وافاه ذا البناء ولولا ... منة الله ما تسامى البناء
رب إن الهدى هداك وآيا ... تك نور تهدي به من تشاء
مذ تناهى أرخت باب علوم ... وفخار به يجاب الدعاء
أما الأسرة العلوية, فكانت دائمة العطف عليه, سخيَّةً في البرِّ به, تعنى بإصلاحه وتجديده, وتكفل له كل ما يتطلبه, مهما غلَا وعزَّ.
وفي عهد الملك فؤاد الأول, أنشئت كليَّاته على نظامٍ مثمرٍ, ووجد بالتخصص في فروع العلم للإجادة والتبريز فيها, وبذل المال الضخم لإزالة ما حول الأزهر من مساكن, طالما حجبت جماله ورونقه, وبُدِئَ في إنشاء مساكن للطلبة, وإدارة للأزهر, وقد جاءت آيةً في الإبداع والروعة، وفي
١ المقوصرة - تقوصر دخل بعضه في بعض.