للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمر كذلك, فإن صلاح الدين خَلُصَ إلى غرضه الذي ينشده, دون أن يلجأ إلى إبطال التدريس بالأزهر.

وقد ذهب إلى ذلك الرأي "يعقوب أرتين باشا" في كتابه؛ حيث قرَّرَ أن صلاح الدين, وإن كان شافعيّ المذهب, ترك الحرية الكافية للعلماء يقدمون على سائر المذاهب دراسةً وبحثًا, وكما أنه ترك للعلماء حرية الدرس والبحث, كذلك لم يتدخل بحالٍ في عقائد الشعب، وكان في تصرفه هذا سياسيًّا حكيمًا؛ إذ وصل إلى النتيجة التي قصدها دون جهد أو مخاطرة, وضعف شأن المذهب الفاطميّ كما أراد؛ حيث أنشأ في سنة ست وستين وخمسمائة المدرسة التي عرفت بالمدرسة الناصرية, وكانت للشافعية, وبني في السنة المذكورة المدرسة القمحية بقرب الناصرية للمالكية, وبنى أيضًا المدرسة السيوفية للشافعية١.

كانت هذه السياسة الحكيمة التي اتبعها صلاح الدين ومن بعده, كفيلةً بمناهضة المذهب الشيعيِّ, وبإحياء المذهب الشافعيِّ الذي كان يعتنقه صلاح الدين, بغير أن يتجشم تبعة إبطال الدراسة في الأزهر ومناهضته التعليم به, غير أن من الممكن أن نقول: إن إنشاء هذه المدارس وكثرتها, كان عاملًا ذا أثر في منافسة الأزهر, واجتذاب فريق من أساتذته, ولا سيما حين نعلم مقدار العناية بهذه المدارس, والتوفر على التأنق فيها.


١ الخطط التوفية جـ١ ص٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>