للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتركت ما قد كان فيه لازما ... هلا عكست فجئت بالقول السدى

كدرت منه بما ضعت بحوره ... فغدت مشارع١ ليس ينحوها الصدى٢

فإذا نظمت فكن لنظمك ناقدا ... نقد البصير بذهنك المتوقد

أولا فدع تكليف نفسك واسترح ... من قولهم ما شعره بالجيد

ولئن عنفت عليك فيما قلته ... فلقد بذلت النصح للمسترشد

فلما قرأ صاحب الديوان هذه الأبيات ضحك، ولم يزد على أن قال: "أنت في حل"، وكان "محمد بن الحسن" قد علق غلاما، فكتب إليه الخشاب.

إني أجلك أن تصبو بمبتذل ... على تسنمك العلياء من صغر

أمسك عليك وحاذر من إخاء فتى ... قميصه مذ نشا ينقد من دبر

وهذه قطعة رائعة تزخر بالمعاني الكريمة، وتفيض سلاسة ولطافة فلا ينبو منها لفظ، ولا يقلق فيها تعبير وتطرد أجزاؤها، وتتسلسل حتى لتكون كالعقد انتظمت

حباته قالها يرثي بها المرحوم الشيخ "أحمد بن موسى بن داود" المتوفى سنة ثمان ومائتين وألف من الهجرة.

تغير وجه الدهر وازور حاجبه ... وجاءت بأشراط المعاد عجائبه

وكدر صفو العيش وقع خطوبه ... وقد كان وردا صافيات مشاربه

فمالي لا أذري المدامع حسرة ... وأفق سطء المجد تهوي كواكبه٣

وما لي لا أبكي على فقد ذاهب ... موصلة لله كانت مذاهبه

أغرسنا شمس الضحى دون وجهه ... وفوق مناط الفرقدين مراتبه

حليف ندى كالسيل سيب يمينه ... وكالبحر تجري للعفاة مواهبه

له عفو ذي حلم ورأي أخي نهى ... يضيء لدى محلولك الخطب ثاقبه

على نهج أهل الرشد عاش وقد مضى ... مطهرة أردانه وجلاببه


١ المشارع -موارد الشرب.
٢ الصدى -الظامئ.

<<  <  ج: ص:  >  >>