الشعب, وتقوم بإيوائهم وكسوتهم, وتهيؤهم للمناصب الضخمة, والرتب الرفيعة؛ كي يكونوا قوَّادًا للجيل الجديد, ورعاة للناشئة المرجوّة.
استعانة محمد علي بالأزهريين:
وقد استعان محمد علي بالأزهر في نهضته, واعتمد عليه في تحقيق غايته, وبلوغ رسالته, فاستمد من الأزهر البعوث العلمية التي أرسلها إلى أوروبا، ومن الأزهر استمدت المدارس التي أنشأها لتحقيق أسباب النهضة، وأبناء الأزهر هم الذين ألَّفوا الكتب في العلوم الحديثة, ونقلوا من علوم الغرب وثقافاته ما لا عهد لنا به من قبل, فأزهرت بهم الحياة الأدبية والعلمية والاجتماعية في شتى ألوانها، وكانوا القبس الذي اشتعل منه المصباح الذي بدَّد ظلمات الجهل, وأنار سبل العلم.
خلفاء محمد علي:
انتكست الحياة العلمية والأدبية والاجتماعية بعد أن قُبِضَ المرحوم محمد علي "في سنة ١٥٦٥هـ - ١٨٤٩م" وانتهت ولاية مصر إلى حفيده المرحوم عباس الأول؛ إذ أُغْلِقَتِ المدارس العليا, ولم يبق إلّا مدرسة الحربية, ووقفت البعوث التي كانت توفد إلى الغرب, وعُطِّلَ كثير من المعامل والمصانع, وجف معين الإصلاح, وانقطعت أسباب التثمير والعمران, ونَجَمَ عن ذلك أن انحلت عزائم العلماء والأدباء, وشُلَّتْ جهودهم التي كانت تبذل في نهوض العلم والأدب.
وكان حكم "سعيد" من بعده امتدادًا لحكمه, إلّا أنه مدَّ سكة الحديد بين العاصمتين, وفي ذلك أبلغ النفع, وأذن بحفر القناة, وفي ذلك من الضُّرِّ والبلاء ما نعانيه.