أبرد كثيرا من زمان بغداد وفي أول تشرين الاول اذا كان الموضع الذي عرضه أربعة وستون جزءا. على هذه الحال في الصيف فهو الشتاء لا يسكن فيه البتة لشدة البرد فيه لا سيما اذا انضاف مع ذلك قصر نهاره وطول ليله، وان النهار يكون في ذلك الموضع في الشتاء ساعتين وسبع ساعة، والليل احدى وعشرين «١٧» ساعة وستة أسباع ساعة، وانما من هذا الموضع الذي يبطل نهاره في الشتاء، وليله في الصيف جزءان وبعض الاجزاء، لان الموضع الذي يبطل نهاره في الشتاء، وليله في الصيف هو الموضع الذي عرضه ستة وستون جزءا وتسع دقائق، لان ميل تلك البروج جزءا واحدى وخمسون دقيقة، والشمس تكون في المنقلب الشتوي في الابراج الجنوبية وهي الناحية البعيدة عنا لان مساكننا انما هي نحو الشمال، فاذا زيد ميل الشمس في الجنوب على عرض الموضع الذي وصفنا، وقلنا انه ستة وستون جزءا وتسع دقائق بلغ ذلك تسعين جزءا فحينئذ لا يوجد للشمس على ذلك الموضع ارتفاع ولا فيه طلوع الى ان يعود بعد ستة أشهر الى المنقلب الصيفي فاذا كان الصيف دام طلوعها عليه ستة أشهر اخرى، فلم يكن لها غيبة عنه بما قدمنا شرحه. فقد وافق هذا الاستدلال المبين شرحه من حركة الشمس ما ذكره بطليموس عن رسله وعمن قبله قوله ممن عنى بهذا الامر ومحص عنه قبله. وذلك انه حكي عنهم ان أقصى ما وجد من العمارة في جهة الشمال، الجزيرة المعروفة بتولى التي عرضها- وهو بعدها عن خط الاستواء- ثلاثة وستون جزءا. وأطول النهار في هذا الموضع يكون عشرين ساعة «١٨» فهذا ما يدل عليه النظر ووافقه الخبر من مبلغ حد العمارة في ناحية الشمال.