بنى أبو سليم فرج الخادم أذنة فأحكم بناءها وحصنها وندب اليها رجالا من أهل خراسان وغيرهم على زيادة في العطاء، وذلك بأمر محمد بن الرشيد، ورم قصر سيحان، وكان الرشيد توفي سنة ثلاث وتسعين [ومائة]«٢٦١» وعامله على أعشار الثغور أبو سليم فاقره محمد وأبو سليم هذا هو صاحب الدار بانطاكية.
وكان الحسن بن قحطبة الطائي لما غزا بلاد الروم في سنة اثنتين وستين ومائة في أهل خراسان، وأهل الموصل، والشام، وأمداد اليمن ومتطوعة العراق والحجاز، خرج راجعا من بلد الروم مما يلي طرسوس، وكان معه في غزاته تلك مندل العنزي المحدث الكوفي، ومعتمر ابن سليمان البصري، فنزل في مرجها «٢٦٢» وركب الى مدينتها وهي خراب فنظر اليها وأطاف بها من جميع جهاتها وحزر عدة من يسكنها فوجدهم مائة ألف. فلما قدم على المهدي وصف له أمرها وذكر ما في بنائها وشحنتها من غيظ العدو وكبته، وعز الاسلام وأهله وأخبره في الحدث من الثغور الجزرية أيضا بخبر رغبة في بناء مدينتها، فأمر بناء طرسوس «٢٦٣» ، وان يبدأ بمدينة الحدث فبنيت، وأوصى المهدي ببناء طرسوس.
فلما كانت سنة احدى وسبعين ومائة بلغ الرشيد ان الروم قد ائتمروا «٢٦٤» بالخروج الى طرسوس لتحصينها وترتيب المقاتلة فيها، فأغزى الصائفة في تلك السنة هرثمة بن اعين، وأمره بعمارة طرسوس وبنائها وتمصيرها ففعل وأجرى