للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} ١، فإنَّ ابتغاء الوسيلة إليه هو التقرب إليه بحبّه وفعل ما يحبّه، ثم قال: {وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} فذكر الحبّ والخوف والرّجاء٢، وكذلك في قوله: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} ٣.

ولذا يجب أن يكون العبد في عبادته وذكره لله جامعًا بين هذه الأركان الثلاثة المحبّة والخوف والرّجاء، ولا يجوز له أن يعبد الله بواحد منها دون باقيها، كأن يعبد الله بالحبّ وحده دون الخوف والرّجاء، أو يعبد الله بالرّجاء وحده، أو بالخوف وحده، ولذا قال بعض أهل العلم: "من عبد الله بالحب وحده فهو زنديق، ومن عبده بالخوف وحده فهو حروري، ومن عبده بالرّجاء وحده فهو مرجئ، ومن عبده بالحب والخوف والرّجاء فهو مؤمن موحّد"٤.

وأعظم هذه الأركان الثلاثة وأجلّها هو الحبّ، حبُّ الله تبارك وتعالى الذي هو أصل دين الإسلام وقطب رحاه، والمحبّة منزلةٌ شريفةٌ فيها يتنافس المتنافسون، وإليه شمّر المسابقون، وهي قوت القلوب، وغذاء الأرواح، وقرّة العيون، وروح الإيمان والعمل، ومن لم يظفر بها في هذه الحياة فحياته كلُّها شقاءٌ وألمٌ.


١ سورة الإسراء، الآية: (٥٧) .
٢ انظر: طريق الهجرتين لابن القيم (ص:٤٦٥) .
٣ سورة الأنبياء، الآية: (٩٠) .
٤ انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية (١٠/٨١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>