للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨٦ ـ افتقارُ العبدِ إلى الله

إنَّ من الخصال الكريمة والخلال العظيمة التي ينبغي أن يتصفَ بها مَن يدعو اللهَ عزَّ وجلَّ أن يعلم علمَ يقينٍ أنَّه مفتقرٌ إلى الله عزَّ وجلَّ، محتاجٌ إليه، لا يستغني عنه طرفة عين، وذلك أنَّ الإنسان بل وجميعَ المخلوقات عبادٌ لله تعالى، فقراءُ إليه، مماليكُ له، وهو ربُّهم ومليكُهم وإلَهُهم، لا إله لهم سواه، فالمخلوقُ ليس له من نفسه شيءٌ أصلاً، بل نفسُه وصفاتُه وأفعالُه وما ينتفع به أو يستحقه وغيرُ ذلك إنَّما هو من خلق الله، والله عزَّ وجلَّ ربُّ ذلك كلِّه، ومليكُه وبارئُه وخالقُه ومصوِّرُه، ومدبِّرُ شؤونه، فما شاء الله كان وما لَم يشأ لَم يكن، فلا رادَّ لقضائه ولا معقِّب لحكمه {مَا يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِن رَحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ} ١.

فالمخلوقُ فقيرٌ إلى الله، محتاجٌ إليه، ليس فقيراً إلى سواه، يقول الله: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمْ الفُقَرَاءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الغَنِيُّ الحَمِيدُ} ٢، فليس المخلوق مستغنياً بنفسه ولا بغير ربِّه سبحانه؛ إذ إنَّ ذلك الغيرَ فقيرٌ أيضاً، محتاجٌ إلى الله، ولهذا قيل استغاثةُ المخلوق بالمخلوقِ كاستغاثة الغريق بالغريق، وقيل: استغاثةُ المخلوق بالمخلوق كاستغاثة المسجون بالمسجون.


١ سورة فاطر، الآية: (٢) .
٢ سورة فاطر، الآية: (١٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>