للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٢٥ / ومن أَذْكَار النَّوم

إنَّ من الأذكار العظيمة التي كان يُواظبُ عليها النَّبِيُّ الكريمُ صلى الله عليه وسلم عند النَّوم وعند الانتباه منه ما رواه البخاري في صحيحه مِن حديثِ حُذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: "كان النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذا أَرَادَ أن يَنامَ قال: باسْمك اللَّهمَّ أموتُ وأحيَا، وإذا استَيْقَظَ من مَنَامِه قال: الحمدُ لله الذي أحيانَا بعد ما أمَاتَنَا وإليه النُّشُور "١. وفي لفظ: "كان إذا أوى إلى فراشه"٢ أي: دخل فيه، وفي لفظٍ آخر: "كان إذا أخذ مَضْجِعَه"٣، وكلُّها بمعنى واحد.

وقولُه: باسمك اللَّهمَّ، أي: باسمك يا الله، والباء للاستعانة، والمعنى: أنام مستعيناً بك، طالباً حفظَك، راجياً الوقايةَ والسلامةَ والعافيةَ منك، وقوله: "أموتُ وأحيا" أي: أنا على هذه الحال ذاكراً لاسمك، فبذكر اسمكَ أحيا ما حييتُ وعليه أموتُ، وفي هذا إشارةٌ إلى أنَّ المسلمَ لا غنى له عن ذكر ربِّه طرْفةَ عينٍ عند نومِه وفي يقظَته وفي جميع شؤونه، فها هو عند النَّوم يختمُ أعمالَه بذكر الله، وعند الانتباه يكون أوَّلُ أعماله ذكرَ الله، ثم هو في جميع أحايينه محافظاً على ذكر الله، فعلى ذكره سبحانه يحيى، وعليه يموت، وعليه يُبعثُ يومَ القيامة.

وفي قوله: "باسمك اللَّهمَّ أموتُ" عند إرادة النَّوم دلالةٌ على أنَّ النَّومَ يُسمَّى موتاً ويُسمَّى وفاةً، وإن كانت الحياةُ موجودةً فيه، ومن ذلك قولُه


١ صحيح البخاري (رقم:٦٣٢٤) .
٢ صحيح البخاري (رقم:٦٣١٢) .
٣ صحيح البخاري (رقم:٦٣١٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>