١٩/ أركانُ التعبّد القلبيَّة للذكر وغيره من العبادات
إنَّ ذكر الله عز وجل والتقرّب إليه بما يحبّ من صالح الأعمال والأقوال لا يكون مقبولاً عند الله إلاّ إذا أقامه العابد على أركان ثلاثة، وهي الحب والخوف والرّجاء.
فهذه الأركان الثلاثة هي أركان التعبّد القلبية التي لا قبول لأيِّ عبادة إلاّ بها، فالله جلّ وعلا، يعبد حبًّا فيه ورجاءً لثوابه وخوفًا من عقابه، وقد جمع الله تبارك وتعالى بين هذه الأركان الثلاثة في سورة الفاتحة التي هي أفضل سور القرآن، فقوله سبحانه:{الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ} فيه المحبّة؛ لأنَّ الله منعم، والمنعم يُحب على قدر إنعامه؛ ولأنَّ الحمد هو المدح مع الحبّ للممدوح. وقوله:{الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} فيه الرجاء، فالمؤمن يرجو رحمة الله ويطمع في نيلها، وقوله:{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} فيه الخوف، ويوم الدّين هو يوم الجزاء والحساب، ثمّ قال تعالى:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} أي أعبدك يا ربّ بما مضى بهذه الثلاث: بمحبّتك ورجائك وخوفك، فهذه الثلاث هي أركان العبادة التي عليها قيام {إِيَّاكَ نَعْبُدُوَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} فـ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} لا تقوم إلاّ على المحبّة التي دلّ عليها قوله {الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ} والرّجاء الذي دلّ عليه قوله {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} والخوف الذي دلّ عليه قوله {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} ١.
وقد جمع الله أيضًا بين هذه الأركان في قوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ
١ انظر: مؤلّفات شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب (القسم الأول: العقيدة والآداب الإسلامية، ص:٣٨٢،٣٨٣) .