للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٠١ ـ فضلُ الدعاء للمؤمنين والإمساك عن الطعن فيهم

لقد مرَّ الكلامُ على أهميَّة الدعاء للمسلمين بالمغفرةِ والرحمةِ والتوفيقِ، ونحوِ ذلك، وبيانُ ما يترتَّبُ على ذلك من فوائد عظيمة وأجورٍ كريمة، وخيراتٍ متواليةٍ في الدنيا والآخرة، وما مِن شكٍّ أنَّ وجودَ مثل ذلك بين المسلمين دليلٌ على قوَّةِ اللُّحمة، وشدَّة الرابطةِ، ووثوق الصلةِ، وهو دليلٌ أيضاً على كمال العقلِ وسلامة الصَّدر ورجاحةِ الفهم، والمسلمُ الموفَّقُ يكون دائماً محبًّا الخيرَ لإخوانه المسلمين، عطوفاً عليهم، رحيماً بهم، راجياً صلاحَهم وفلاحَهم وهدايتَهم، متمنِّياً تحقُّق الخير لهم، مكثراً من دعاء الله وسؤاله لهم، ومَن كان كذلك فهو حريٌّ بأن يكون من الشهداء والشفعاء للناس يوم القيامة، ثبت في الحديث عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: " لا يكون الطعَّانون واللَّعانون شفعاءَ ولا شهداءَ يوم القيامة "، رواه مسلم، وأحمد، وأبو داود١.

قال ابن القيم رحمه الله في معنى هذا الحديث: " إنَّ الشهادةَ من باب الخبر، والشفاعةَ من باب الطلبِ، ومَن يكون كثيرَ الطعن على الناس، وهو الشهادةُ عليهم بالسوء، وكثيرَ اللعن لهم، وهو طلب السوء لهم لا يكون شهيداً عليهم ولا شفيعاً لهم؛ لأنَّ الشهادةَ مبناها على الصِدق، وذلك لا يكون فيمَن يُكثر الطعنَ فيهم، ولا سيما فيمَن هو


١ صحيح مسلم (رقم:٢٥٩٨) ، وسنن أبي داود (رقم:٤٩٠٧) ، والمسند (٦/٤٤٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>