إنَّ من آداب الدعاء أن يستقبلَ الداعي القبلةَ وقت دعائه، ذلك أنَّ القبلةَ هي الجهة الفاضلة التي أُمر المسلمون بالاتّجاه إليها في عبادتهم، فكما أنَّها قبلةٌ للمسلمين في الصلاة فهي قبلةٌ لهم في الدعاء، وقد ثبت استقبالُ النبي صلى الله عليه وسلم للقبلة عند دعائه في أحاديث عديدة.
من ذلك ما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:" استقبل النبي صلى الله عليه وسلم الكعبةَ فدعا على نفر من قريش، على شيبة بن ربيعة، وعتبة بن ربيعة، والوليد بن عقبة، وأبي جهل بن هشام، فأشهد بالله لقد رأيتهم صرعى قد غيّرتهم الشمس وكان يوماً حاراًّ "١.
وخرّج مسلم في صحيحه من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: " لما كان يوم بدر نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين وهم ألفٌ، وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلاً فاستقبل نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم القبلةَ ثمَّ مدَّ يديه، فجعل يهتف بربِّه: اللَّهمَّ أنجز لي ما وعدتني، اللَّهمَّ آتِ ما وعدتني، اللَّهمَّ إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تُعبد في الأرض، فما زال يهتف بربِّه ماداًّ يديه مستقبلَ القبلة حتى سقط رداؤُه عن منكبيه فأتاه أبو بكر فأخذ رداءَه فألقاه على منكبيه ثمَّ التزمه من ورائه، وقال: يا نبي الله كفاك مناشدتُك ربَّك، فإنَّه سينجز لك ما وعدك، فأنزل الله عزَّ وجلَّ: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي