للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧٠ ـ من الاعتداء في الدعاء

إنَّ مِمَّا ينبغي للمسلم أن يتنبّه له في أمر الدعاء أن يحذرَ غايةَ الحَذَر من الاعتداء فيه، فإنَّ اللهَ جلَّ وعلا لَماَّ أَمر عبادَه في آية الأعراف بالدعاء تضرعاً وخفيةً أخبر في أثناء ذلك بأنَّه لا يحب المعتدين، وذلك في قوله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المُعْتَدِينَ} ١، وهذه الآيةُ الكريمةُ وإن كان التحذيرُ فيها من الاعتداء وَرَدَ بصيغةِ العموم متناولاً لكلِّ نوعٍ من أنواع الاعتداء، إلاَّ أنَّ تناولَها للتحذير من الاعتداء في الدعاء أكثرُ لِمَجيئِها في سياق الأمر به وذِكرِ شروطه وآدابه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " وقوله تعالى: {إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المُعْتَدِينَ} قيل: المراد إنَّه لا يحبُّ المعتدين في الدعاء، كالذي يَسأل ما لا يليق به من منازل الأنبياء وغير ذلك، وقد روى أبو داود في سننه عن عبد الله بن مغفَّل أنَّه سمع ابنَه يقول: " اللَّهمَّ إنِّي أسألك القصرَ الأبيض عن يمين الجنَّة إذا دخلتها، فقال: يا بُنيَّ سلِ الله الجنَّة وتعوَّذ به من النار، فإنِّي سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: سيكون في هذه الأمة قومٌ يعتدون في الطُهور والدعاء "٢.

ثمَّ قال رحمه الله: وإن كان الاعتداء مراداً بها فهو من جملة المراد


١ سورة الأعراف، الآية: (٥٥) .
٢ سنن أبي داود (رقم:٩٦) ، والمسند (٤/٨٦، ٨٧) ، (٥/٥٥) ، وسنن ابن ماجه (رقم:٣٨٦٤) ، وصححه العلاَّمة الألباني رحمه الله في صحيح سنن أبي داود (رقم:٨٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>