لقد تميَّزت الأدعيةُ الشرعية والأذكار المأثورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بكمالها في مبناها ومعناها، فألفاظُها وعباراتُها موجزةٌ مختصرةٌ، ومعانيها ودلالاتُها عظيمة واسعة، متضمِّنةٌ الخيرَ كلَّه، مشتملةٌ على المقاصد العالية، والمطالب العظيمة، والخيرات العميمة، ولهذا فإنَّ من الخيرِ لكلِّ مسلم، بل من الواجب عليه أن يجتهد قدرَ الاستطاعةِ في تعلُّمها وحفظِها والتعبُّد بها، ويَدَعَ ما سواها من الأوراد والأحزاب المخترعةِ التي أنشأها بعضُ شيوخ الضلالة وأئمة الباطل، والتي صَدُّوا بها كثيراً من عوام المسلمين وجهالهم عن الأدعيةِ المأثورةِ والأذكار المشروعةِ.
ومَن يتأمَّل واقعَ بعض المسلمين ولا سيما مَن انتسب إلى بعضِ الطرق الصوفية يجدُ أنَّهم قد انشغلوا بهذه الأذكار المُختَرعةِ والأدعية المبتَدعة، فأصبحوا يتلونَها ليلاً ونهاراً، وصباحاً ومساءً، تاركين بسببها كتاب الله تعالى، مُعرضين عن الأدعية المأثورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثمَّ إنَّ لكلِّ فئةٍ من هؤلاء أوراداً خاصةً يتلونها بطريقة خاصة ونَمط معيَّن، فلكلِّ طريقةٍ من هذه الطرق الصوفية أحزابُها وأورادُها الخاصة و {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} ١، وكلٌّ منهم يعتقد أنَّ أورادَه أفضلُ من أوراد الطرق الصوفية الأخرى.