للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٣٩ / أذكار استفتاح الصلاة

لقد ثبت عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنواعٌ من الأذكار والأدعيَّة يستفتحُ بها المسلمُ صلاتَه فرضَها ونفلَها، ولم يكن النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُداومُ على استفتاحٍ واحد، بل كان يستفتحُ بأنواعٍ من الاستفتاحات، وهي في الجملة مشتملة على تعظيم الله وتمجيدِه وحُسن الثناء عليه تبارك وتعالى بما هو أهله، وسؤاله مغفرة الذنوب، ولا يلزم المسلمَ نوعٌ معيَّن من هذه الأنواع، بل بأيٍّ منها أخذ لا حرج عليه، والأوْلَى أن يفعل بعضَها تارة وبعضَها تارة؛ لأنَّ ذلك أكملُ في الاتِّباع.

ومن هذه الاستفتاحات ما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذا اسْتَفْتَحَ الصَّلاَةَ سَكَتَ هُنَيَّةً قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: يَا رَسُولَ اللهِ! بِأَبِي وَأُمِّي، أَرَأَيْتَ سُكُوتَكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالقِرَاءَةِ مَا تَقُولُ قَالَ: أَقُولُ: اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالثَّلْجِ وَالمَاءِ وَالبَرَدِ"١.

وفي هذا الاستفتاح سؤالٌ لله تبارك وتعالى أن يُباعِدَ بين العبد وبين خطاياه وهي الذنوب كما باعد بين المشرق والمغرب، وذلك بمَحو الذنوب وعدم المؤاخذة عليها والتوفيق للبُعد عنها، وأن ينقيه من خطاياه أي: ينظفه منها كما ينظف الثوب الأبيض من الدَّنَس بحيث لا يبقى فيه أيُّ أثَر، وأن يغسلَه من خطاياه بالثلج والماء والبَرَد، وفي هذا إشارةٌ إلى شدِّة حاجة القلب والبَدن إلى ما يطهِّرهما ويبردهما ويقويهما.


١ صحيح البخاري (رقم:٧٤٤) ، وصحيح مسلم (رقم:٥٩٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>