للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦١ ـ إجابة الدعاء موقوفةٌ على توفُّرِ شروطٍ وانتفاء موانع

تقدَّم معنا ذكرُ قول الله تبارك وتعالى: {وَقَالَ رَبُّكُم ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} ١، وبيانُ ما فيه من دلالة على إجابة الله لِمَن دعاه، وتقدَّم معنا أيضاً استشكالُ بعض أهل العلم لذلك، بأنَّ بعضَ الداعين قد يدعو ويسأل اللهَ أموراً قد لا يرى أنَّه تحقَّق له شيءٌ منها أو تحقَّق له بعضُها دون بعض، وقد أجاب عن ذلك أهلُ العلم بأجوبةٍ عديدة تقدَّم ذكرُ ثلاثةٍ منها، إلاَّ أنَّ أحسنَ ما قيل في ذلك هو أنَّ الدعاءَ سببٌ مقتضٍ لنيل المطلوب، ونيل المطلوب له شروط وموانع، فإذا حصلت شروطُه وانتفت موانعُه تحقَّق المطلوبُ وإلاَّ فلا، كما هو الشأنُ في جميع الأعمال الصالحة والأذكار النافعة، لا تُقبل إلاَّ إذا استوفى المسلمُ شروطَها وابتعد عن موانع قبولها، أما إذا وُجد المانعُ وانتفى الشرط فإنَّ العملَ لا يُقبل.

والشأنُ في الدعاء كذلك، فإنَّ الدعاءَ في نفسه نافعٌ مفيدٌ، وهو مفتاحٌ لكلِّ خير في الدنيا والآخرة، لكنه يستدعي قوَّةَ هِمَّة الداعي وصحةَ عزيمَتِه وحسنَ قصدِه وبُعدَه عن الأمور التي تمنع من القبول.

قال ابن القيم رحمه الله: " فإنَّه ـ أي الدعاء ـ من أقوى الأسباب في دفعِ المكروه وحصول المطلوب، ولكن قد يتخلَّف عنه أثرُه؛ إمَّا لضعفٍ


١ سورة غافر، الآية: (٦٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>