الكلام هنا سيكون بإذن الله عن الدُّعاءِ الذي يستحب للمسلمِ أن يدعوَ به إذا كان عليه دَيْنٌ، روى الترمذي في سننه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه:" أَنَّ مُكَاتَباً جَاءَهُ فَقَالَ: إنِّي قَدْ عَجَزْتُ عَنْ كِتَابَتِي، فَأَعِنِّي قَالَ: ألاَ أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ عَلَّمَنِيهِنَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَوْ كَانَ عَلَيْكَ مِثْلُ جَبَلِ ثَبِيرٍ دَيْناً أَدَّاهُ اللهُ عَنْكَ قَالَ: قُلْ اللَّهُمَّ اكْفِنِي بِحَلاَلِكَ عَنْ حَرَامِكَ، وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ" ١.
فهذا دعاءٌ عظيم يقولُه مَن عليه دينٌ وهو عاجزٌ عن أدائه، فإذا قالَه واعتنى به أدَّاه اللهُ عنه مهما كان حجمُ الدَّين، ولو كان مثلَ الجبل، كما مَرَّ في الحديث؛ لأنَّ التيسيرَ بيد الله، وخزائنه سبحانه ملأَى لا يَغيظها نفقة، فمَن التَجَأ إليه كفاه، ومَن طلب العونَ منه أعانه وهداه.
وهذا المكاتَب جاء إلى علي رضي الله عنه يشكو عجزَه وعدم قُدرته على أداء ما تَحمَّلَه من مال لسيِّده ليعتقه، فأرشدَه رضي الله عنه إلى هذا الدعاء العظيم الذي سمعَه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبيَّن له عظمَ فائدته وكبر عائدته على قائله، وأنَّ الله يقضي عنه دينَه مهما كثُر، قال:"ألاَ أعلِّمُك كلمات عَلَّمَنِيهنَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، لو كان عليك مثل جبل ثبير دَيْناً أدَّاه الله عنك"، وهذا فيه تشويقٌ عظيمٌ وترغيبٌ للسَّامع، وحثٌّ على المواظبة على هذا الدعاء المبارك؛ ليتخَلَّص العبد من الدَّين الذي تَحمَّله، ومن هَمِّه الذي كدَّر بالَه وأشغله.
١ سنن الترمذي (رقم:٣٥٦٣) ، وحسَّنه الألباني ـ رحمه الله ـ في صحيح الترغيب (رقم:١٨٢٠) .