للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١١٠ ـ مُلازمة النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم للاستغفار

لقد كان إمامُ المرسَلين، وقدوةُ الموحِّدين، وقائدُ الغُرِّ المُحجَّلين الرسولُ الكريم صلى الله عليه وسلم كثيرَ الاستغفار والتوبةِ إلى الله، مع أنَّه صلى الله عليه وسلم قد غفر له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر، كما قال تعالى: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا} ١، وفي الصحيح عن عائشة رضي الله عنه قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلَّى قام حتى تتفطَّر رجلاه، فقلت له يا رسول الله: أتصنَعُ هذا وقد غفر لك الله ما تقدَّم من ذنبك وما تأخَّر؟ فقال: يا عائشة، أفلا أكون عبداً شكوراً "٢.

قال ابن كثير رحمه الله: " هذا من خصائصه صلواتُ الله وسلامه عليه التي لا يشاركه فيها غيرُه، وليس في حديث صحيح في ثواب الأعمال لغيره غُفر له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخر، وهذا فيه تشريفٌ عظيمٌ للرسول صلى الله عليه وسلم، وهو صلوات الله وسلامه عليه في جميع أموره على الطاعةِ والبِرِّ والاستقامة التي لَم ينلها بشرٌ سواه، لا من الأولين ولا من الآخرين، وهو أكملُ البشر على الإطلاق، وسيِّدُهم في الدنيا والآخرة "٣.


١ سورة الفتح، الآيتان: (١، ٢) .
٢ صحيح البخاري (رقم:٤٨٣٧) ، وصحيح مسلم (رقم:٢٨٢٠) .
٣ تفسير القرآن العظيم (٧/٣١٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>