لقد أرشد النَّبِيُّ الكريم صلى الله عليه وسلم المسلمَ عندما يَأوي إلى فراشه لينام إلى جُملةٍ من الآداب العظيمة والخصال الكريمة، والتي يترَتَّب على محافظته عليها وعنايتِه بها آثارٌ حميدةٌ عديدة، منها هدوؤُه في نومه وسكونُه وراحتُه، وسلامتُه من الشرور والآفات، وليصبح من ذلك النوم على نفس طيِّبة، وهِمَّة عالية، وخير ونشاط.
ومن ذلك ما ثبت في الصحيحين من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا أَتَيْتَ مَضْجِعَكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلاَةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأَيْمَن ثُمَّ قُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ وَوَجَّهتُ وَجْهِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لاَ مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إِلاَّ إِلَيْكَ، آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ، فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ مُتَّ وَأَنْتَ عَلَى الفِطْرَةِ، وَاجْعَلْهُنَّ مِنْ آخِرِ كَلاَمِكَ، قال: فَرَدَدْتُهُنَّ لأَسْتَذْكِرَهُنَّ فَقُلْتُ: آمَنْتُ بِرَسُولِكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ، قَالَ: لاَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ"١.
فهذا الحديثُ العظيمُ يشتمل على بعضِ الآداب التي يَحسُنُ بالمسلم أن يُحافظَ عليها عند نومه، وقد أرشدَ صلى الله عليه وسلم أوَّلَ ما أرشد في هذا الحديث مَن أوَى إلى فراشه أن يتوضأ وضوءَه للصلاة، وذلك ليكون عند النوم على أكمل أحوالِه، وهي الطهارة، وليكون ذكرُه لله عز وجل عند نومه على حال الطهارة، وهي الحالُ الأكملُ للمسلم في ذكره لله عز وجل، ثم وجَّه صلى الله عليه وسلم إلى
١ صحيح البخاري (رقم:٦٣١١) ، وصحيح مسلم (رقم:٢٧١٠) .