أن ينامَ المسلمُ على شِقِّه الأيمن، وهي أكملُ أحوال المسلم في نومه، ثمَّ أرشده صلى الله عليه وسلم وهو على هذه الحال الكاملة أن يبدأ في مناجاة ربِّه عز وجل بذلك الدعاء العظيم الذي أرشد إليه صلوات الله وسلامه عليه.
وإنَّ مِمَّا ينبغي أن يعتَنِيَ به المسلمُ في مثلِ هذا المقام أن يتأمَّلَ معانِيَ الأدعية والأذكار المأثورة؛ ليكون ذلك أكملَ له في مناجاته لربِّه عز وجل ودعائه إياه.
وعندما نتأمَّل هذا الدعاء العظيم الوارد في هذا الحديث نجدُ أنَّه اشتمل من المعاني الجليلة والمقاصد العظيمة على جانبٍ عظيم، يحسن بالمسلم أن يكون مستحضراً لها عند نومه.
وقوله:"اللَّهمَّ إنِّي أسلمت نفسي إليك" أي: إنني - يا الله - قد رضيتُ تَمام الرِّضا أن تكون نفسي تحت مشيئتك، تَتَصرَّف فيها بما شئتَ وتقضي فيها بما أردتَ من إمساكها أو إرسالها، فأنت الذي بيده مقاليد السموات والأرض، ونواصي العباد جميعهم معقودةٌ بقضائك وقدرك تقضي فيهم بما أردتَ، وتحكم فيهم بما تشاء، لا رادَّ لقضائك ولا معقِّب لحكمك.
وقوله:"وفوَّضتُ أمري إليك" أي: جعلتُ شأنِي كلَّه إليك، وفي هذا الاعتمادُ على الله عز وجل والتوكل التام عليه، إذ لا حول للعبد ولا قوَّة إلاَّ به سبحانه وتعالى.
وقوله:"وألجأتُ ظهري إليك" أي: أسندتُه إلى حفظك ورعايتك لما علمتُ أنَّه لا سند يُتقوى به سواك، ولا ينفع أحداً إلاَّ حماك، وفي هذا إشارةٌ إلى افتقار العبد إلى الله جل وعلا في شأنه كلِّه في نومه ويقظته وحركته وسكونه وسائر أحواله.