سبق الإشارةُ إلى جُملةٍ من الأوقات الفاضلةِ التي يُرجى فيها قبولُ الدعاء أكثرَ من غيرها؛ إذ إنَّ المسلمَ في كلِّ وقتٍ يدعو اللهَ عزَّ وجلَّ في أيِّ ساعةٍ من ليل أو نهارٍ يرجو أن يتقبَّلَ اللهُ منه، إلاَّ أنَّ هناك أوقاتاً فاضلةً خصَّها الشارعُ بِمزيد فضيلةٍ فكان القبولُ فيها أرجى، والإجابةُ فيها أحرى من غيرها، فينبغي للمسلم أن يتحرَّى فيها الدعاءَ كثلثِ الليل الآخر، وكالساعة التي في يوم الجمعة، وغيرِ ذلك مِمَّا سبق الإشارةُ إليه.
وكما أنَّ هناك أوقاتاً فاضلةً ينبغي أن يتحرَّى المسلمُ فيها الدعاءَ، فكذلك هناك أحوالٌ فاضلةٌ في المسلم يزيد فيها قُربُه من الله وإقبالُه عليه وخشوعُه وخضوعُه واستكانتُه، ينبغي على المسلم أن يكثر فيها الدعاء وأن يعظم فيها الطلب.
ومِن ذلك في الصلاة، عندما يقفُ العبدُ بين يدي الله خاشعاً خاضعاً متذلِّلاً منيباً، ولا سيما حال السجود، فإنَّ العبدَ في سجوده يكون قريباً من ربِّه، فينبغي في هذه الحال أن يُكثرَ من دعاء الله وسؤالِه ومناجاتِه؛ لعِظَمِ قربِه فيه من الله عزَّ وجلَّ، روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أقربُ ما يكون العبدُ من ربِّه وهو ساجد، فأكثِروا الدعاء " ١.