للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦٤ ـ أهميَّةُ اتباع السنة في الدعاء

لقد تقدَّم معنا الإشارةُ إلى جملةٍ من الضوابطِ المهمِّةِ والشروطِ العظيمة التي ينبغي أن يتقيَّدَ بها المسلمُ في الدعاءِ، وأهمُّها هو إخلاصُه لله وحده لا شريك له؛ إذ الدعاءُ نوعٌ من أنواعِ العبادة وفردٌ من أفرادها، والعبادةُ حقٌّ لله عزَّ وجلَّ لا شريك له فيها، فهو سبحانه المعبود بحقٍّ ولا معبود بحقٍّ سواه، ولذا فإنَّ أخطرَ جانبٍ يُخلُّ به في الدعاءِ هو أن يُصرف لغير الله بأن يُجعل لغيره شركةٌ فيه، والله يقول: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُوا مِن دُونِ الله مَن لاَ يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَآءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} ١، ويقول تعالى: {وَأَنَّ المَسَاجِدَ للهِ فَلاَ تَدْعُو مَعَ اللهِ أَحَداً} ٢، والآياتُ في هذا المعنى كثيرةٌ، وقد مضى معنا طرفٌ منها.

وكما أنَّ الدعاءَ يُشترطُ فيه إخلاصُه لله عزَّ وجلَّ ليكون مقبولاً عنده، فكذلك يُشترطُ فيه المتابعةُ للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم؛ إذ إنَّ هذين الأمرين ـ أعني الإخلاصَ والمتابعةَ ـ هما شرطَا قبول الأعمال كلِّها، فلا قبول لأيِّ عملٍ من الأعمال إلاَّ بهما، كما قال الفضيل بن عياض رحمه الله: " دين الله أخلصُه وأصوبُه، قيل: يا أبا علي، ما أخلصُه


١ سورة الأحقاف، الآيات: (٥، ٦) .
٢ سورة الجن، الآية: (١٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>