للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٦٦ / الدُّعَاءُ لَيْلَةَ القَدْرِ

إنَّ في السَّنَة أياماً فاضلة وأوقاتاً شريفةً، الدعاءُ فيها أفضل، والإجابةُ فيها أحرى، والقبول فيها أرجى، وله سبحانه الحكمة البالغة {يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ} (١ فلكمال حكمته وقدرته وتمام علمه وإحاطته يختار من خلقه ما يشاء من الأوقات والأمكنة والأشخاص، فيخصُهم سبحانه بمزيد فضله وجزيل عنايته ووافر منَّته، وهذا من أكبر آيات ربوبيته وأعظم شواهد وحدانيته وتفرّده بصفات الكمال، وأنَّ الأمرَ له سبحانه من قبل ومن بعد، يقضي في خلقه بما يشاء، ويحكم فيهم بما يريد {فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} ٢.

وإنَّ مِمَّا خصَّه الله عزَّ وجلَّ من الأوقات بمزيد تفضيله ووافر تكريمه شهرَ رمضان، حيث فضَّله على سائر الشهور، والعشرَ الأواخر من لياليه حيث فضَّلها على سائر الليالي، وليلةَ القدر حيث جعلهَا لمزيد فضلها عنده وعظيم مكانتها خيراً من ألف شهر، وفخم سبحانه أمرها، وأعلا شأنها، ورفع مكانتها عنده، أنزل فيها وحيَه المبين وكلامَه الكريم وتنزيله الحكيم، هدى للمتَّقين وفرقاناً للمؤمنين، وضياء ونوراً ورحمة.

يقول الله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أَمْراً مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ


١ سورة: القصص، الآية (٦٨) .
٢ سورة: الجاثية، الآيتان (٣٦ ـ ٣٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>