للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّمِيعُ الْعَلِيمُ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الأَوَّلِينَ} ١.

ويقول سبحانه: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} ٢.

فلله ما أعظمها من ليلة، وما أجلَّ خيرَها، وما أوفر بركتها، ليلة واحدة خير من ألف شهر، أي ما يزيد على ثلاثة وثمانين عاماً عُمر رجل معمَّر، وهو عمرٌ طويل لو قضاه المسلم كلَّه في طاعة الله عزَّ وجلَّ، فليلة القدر وهي ليلة واحدة خير منه، هذا لمَن حصَّل فضلها ونال بركتها.

قال مجاهد رحمه الله: "ليلةُ القدر خيرٌ من ألف شهر ليس في تلك الشهور ليلة القدر"، وكذا قال قتادة والشافعي وغيرُ واحد.

وفي هذه الليلة المباركة يكثر تنَزّل الملائكة لكثرة بركتها؛ إذ الملائكة يتنَزَّلون مع تنَزُّل البركة، وهي سلامٌ حتى مَطلع الفجر، أي أنَّها خير كلّها ليس فيها شرٌّ إلى مطلع الفجر، وفي هذه الليلة يُفرق كلُّ أمر حكيم، أي: يُقدَّر فيها ما يكون في تلك السنة يإذن الله العزيز الحكيم، والمراد بالتقدير هنا التقدير السنوي، أما التقدير العام في اللوح المحفوظ فهو متقدِّمٌ على خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة كما صحَّ بذلك الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

إنَّ ليلةً هذا شأنها ينبغي على المسلم أن يحرصَ على طلبها تمامَ الحرص


١ سورة: الدخان، الآيات (٣ ـ ٨) .
٢ سورة: القدر.

<<  <  ج: ص:  >  >>