للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٠٥ ـ خطورة الدعاء على النفس أو الغير

إنَّ من الأمور المهمة التي ينبغي أن يراعيها المسلم في دعائه أن يكون متبصِّراً بما يدعو به ويطلبُه من ربِّه سبحانه وتعالى، غيرَ مستعجل ولا متسرِّع فيما يطلب ويسأل، بل ينبغي أن يتدبَّر في أموره حقَّ التدبُّر؛ ليتحقق ما هو خير حقيقٌ بالدعاء به، وما هو شرٌّ جدير بالاستعاذة منه، وذلك أنَّ كثيراً من الناس عند غضبه وتضجُّره وحصولِ الأمور المزعجة له قد يدعو على نفسه أو ولده أو ماله بما لا يسرُّه تحقُّقُه وحصولُه، وهذا ناشىء عن تسرُّع الإنسان وعجلتِه وعدم نظره في العواقب، يقول الله تعالى: {وَيَدْعُ الإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالخَيْرِ وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً} ١، أي: يُسارعُ إلى طلبِ ما يخطرُ بباله، متعامياً عن ضررِه وسوء عواقبه، وإنَّما يَحمِلُ الإنسانَ على ذلك عجَلتُه وقَلقُه، ولهذا قال تعالى: {وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً} .

وإنَّ من أبلغ ما يكون خطراً وأشدّ ما يكون ضرراً في هذا المقام الدعاءَ على النفس بالهلاك أو العذاب أو دخول النار أو الحرمان من دخول الجنة أو نحو ذلك، وهذا لا يفعله إلاَّ مَن بلغ الغايةَ في السَّفَهِ والنهايةَ في الغيِّ، كما حكى الله ذلك عن الكفار المعرضين عن دعوة الرسُل المعارضين لدعوتهم، كقولهم: {اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الحَقّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوْ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} ٢،


١ سورة الإسراء، الآية: (١١) .
٢ سورة الأنفال، الآية: (٣٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>