إنَّ من الأذكار التي يُشرع للمسلم قولُها إذا استيقظ من نومه ما ثبت في سنن الترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ: الحَمْدُ للهِ الَّذِي عَافَانِي فِي جَسَدِي وَرَدَّ عَلَيَّ رُوحِي، وَأَذِنَ لِي بِذِكْرِهِ"١.
وفي هذا حمدُ الله عزَّ وجلَّ على المعافاة في الجسد والسلامة من الأمراض والأسقام، وحمده سبحانه على ردِّ الروح على العبد ليتمكّن من الزيادة في الطاعة والإكثار من العبادة والعناية بالذكر، ولهذا قال "وأذِن لي بذكره" أي: وفَّقني لذلك وأعانني عليه، والمرادُ بالإذن هنا أي: الإذن الكوني القدري؛ لأنَّ الإذنَ إذا ورد في النصوص تارةً يُرادُ به الإذنُ الكونيُّ القدريُّ، وتارةً يراد به الإذنُ الشرعيُّ الدينيُّ، ومن المعلوم أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ أذن للعباد جميعِهم شرعاً وديناً بذكره ولزومِ طاعتِه، لكنَّه سبحانه لَم يأذن بذلك كوناً وقدراً إلاَّ لمن أنعم عليهم بالإيمان وهداهم للإسلام ووفّقهم للخير، وعليه فإنَّ مَن أذِن الله له بذكره كوناً وقدراً فقد أكرمه بأعظم كرامةٍ، وهداه بتوفيقه ومنِّه سبحانه إلى الخير، وهذا من أعظم ما يستوجب الحمدَ، ولهذا شُرع للمسلم أن يحمد اللهَ عزَّ وجلَّ على هذه النعمة العظيمة ويشكرَه سبحانه على هذا العطاء والفضل.
وتأمّل أخي: الآذن بالذِّكر هو الله، والمستفيد من الذِّكر هو العبد، والمثيب على الذِّكر هو الله، فهو سبحانه من عظيم فضله وواسع إنعامه
١ سنن الترمذي (رقم:٣٤٠١) ، وحسَّنه الألباني ـ رحمه الله ـ في صحيح الجامع (رقم:٣٢٩) .