للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يبتدئُ عبادَه بالنعم ويثيبُهم عليها أعظمَ الثواب فله الحمدُ شكراً، وله المنُّ فضلاً، وله سبحانه الحمدُ في الآخرة والأولى.

وعموماً الذي ينبغي على المسلم عند قيامه من نومه هو المبادرة إلى ذكر الله والوضوء والصلاة ليبارك له في يومه، وليكون فيه نشيطاً ذا همَّةٍ عاليةٍ وحرصٍ على الخير، وليسلم بذلك من الكسل وخبث النفس، وقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يعقدُ الشيطانُ على قَافية رأسِ أحدِِكم إذا هو نام ثلاثَ عُقَد، يضرِبُ على كلِّ عُقدةٍ مكانَها: عليك ليلٌ طويلٌ فارقُدْ، فإن اسْتَيقَظَ فذَكَرَ اللهَ انحلَّتْ عُقدةٌ، فإن تَوَضَّأَ انحلَّتْ عُقدةٌ، فإن صلَّى انحلَّتْ عُقدُه كلُّها، فأصبَحَ نشيطاً طيِّبَ النَّفس، وإلاَّ أصبحَ خبيثَ النفس كَسلان"١.

وفي المسند للإمام أحمد من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما مِن ذَكَر ولا أنثى إلاَّ وعلى رأسه جرير معقودٌ ثلاث عقد [أي: حبل معقود ثلاث عُقد] حين يرقد، فإن استيقظ فذَكَرَ اللهَ انحلَّتْ عُقدة، فإذا قام فتوضّأ انحلَّتْ عقدة، فإذا قام إلى الصلاة انحلَّتْ عُقَدُه كلُّها"٢.

وقد دلَّ هذان الحديثان على أنَّ الشيطانَ يعقد على مؤخر رأس الإنسان عندما ينام ثلاث عقد، ويضرب على كلِّ عقدةٍ مكانها: عليك ليلٌ طويلٌ فارقُد تخذيلاً للإنسان وتثبيطاً له ونقضاً لهمَّته وعزيمته، فإذا ذكر العبدُ ربَّه انحلَّتْ عقدةٌ من هذه العقد، فإذا قام وتوضّأ انحلَّتْ عقدة ثانية، فإذا صلّى انحلَّتْ عنهُ جميع العقد وذهب عنه الكسل، وارتفعت همَّتُه، وطابت نفسُه،


١ صحيح البخاري (رقم:١١٤٢) ، وصحيح مسلم (رقم:٧٧٦) .
٢ المسند للإمام أحمد (٣/٣١٥) ، وصحَّحه الألباني ـ رحمه الله ـ في صحيح الترغيب (رقم:٦١٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>