لقد مرّ معنا بيانُ فضل الحمد وعظيم ثوابه من خلال النصوص الواردة في ذلك في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهي تدل على أنّ الحمد من أفضل الطاعات وأجلِّ القُربات التي يتقرّب بها العبدُ إلى الله تعالى.
والحمدُ مطلوبٌ من المسلم في كلِّ وقت وحين؛ إذ إنَّ العبد في كلِّ أوقاته متقلِّبٌ في نعمة الله، وهو سبحانه خالقُ الخلق ورازقهم، وأسبغ عليهم نعمَه ظاهرة وباطنة، دينية ودنيوية، ودفع عنهم النِّقم والمكاره، فليس بالعبادٍ من نعمة إلاّ وهو مولّيها، ولا يدفع الشرَّ عنهم سواه، فهو سبحانه يستحقّ منهم الحمد والثناء في كلِّ وقتٍ وحين، كما أنّه سبحانه يستحقُّ الحمدَ لكمال صفاته، ولِما له من الأسماء الحسنى والنعوت العظيمة التي لا تنبغي إلاّ له، فكلُّ اسم من أسمائه، وكلُّ صفةٍ من صفاته يستحقُّ عليها أكملَ الحمد والثناءِ، فكيف بجميع أسمائه الحسنى وصفاته العظيمة.
وكما أنَّ الحمدَ مطلوبٌ من المسلم في كلِّ وقتٍ، إلاَّ أنَّ هناك أوقاتاً معيّنةً وأحوالاً مخصوصةً تمرُّ بالعبد يكون فيها الحمدُ أكثرَ تأكيداً.
ومن هذه الأوقات والأحوال حمدُ الله في الخطبة وفي استفتاح الأمور، وفي الصلاة، وعقِب الطعام والشراب واللباس، وعند العطاس، ونحو ذلك من المواطن التي ورد في السنة تخصيصها بتأكّد الحمد فيها، ولعلّ من الحسن أن نقف مع بعض النصوص المشتملة على ذكر الأوقات والمواطن التي يتأكّد فيها الحمدُ ممّا وردت به سنّة النبي صلى الله عليه وسلم.